للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٣٣٧ - قال مقاتل بن سليمان: قوله: {وجَعَلُوا لَهُ} يقول: وصَفوا له {مِن عِبادِهِ} من الملائكة {جُزْءًا} يعني: عِدلًا، هو الولد؛ فقالوا: إنّ الملائكة بنات الله تعالى، يقول الله: {إنَّ الإنْسانَ} في قوله {لَكَفُورٌ مُبِينٌ} يقول: بيِّن الكفر (١) [٥٨٤٥]. (ز)

{أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦)}

٦٩٣٣٨ - قال مقاتل بن سليمان: يقول الله تعالى ردًّا عليهم: {أمِ} يقول: {اتَّخَذَ} الرَّبّ لنفسه {مِمّا يَخْلُقُ بَناتٍ} فيها تقديم واستفهام، اتخذ مما يخلق مِن {مَن يُنَشَّأُ فِي الحِلْيَةِ وهُوَ فِي الخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} بنات {وأَصْفاكُمْ بِالبَنِينَ} يقول: واختصكم بالبنين (٢). (ز)


[٥٨٤٥] اختُلف في معنى الجزء على قولين: الأول: أنه النصيب والحظّ، وذلك قولهم للملائكة: هم بنات الله. الثاني: أنه عُني به: العِدْل.

ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٥٦١ - ٥٦٢) -مستندًا إلى السياق- القول الأول الذي قاله مجاهد، والسُّدّيّ، ومقاتل، فقال: «لأن الله -جل ثناؤه- أتبع ذلك قوله: {أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين} توبيخًا لهم على قولهم ذلك، فكان معلومًا أنّ توبيخه إيّاهم بذلك إنّما هو عما أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافة البنات إلى الله -جل ثناؤه-».
وساق ابنُ عطية (٥/ ٤٣ ط: دار الكتب العلمية) القول الثاني الذي قاله قتادة، ثم علّق بقوله: «فعلى هذا فتعنيف الكفرة في فصلين: في أمر الأصنام، وفي أمر الملائكة، وعلى هذا التأويل الأول فالآية كلها في أمر الملائكة».
وساق ابنُ تيمية (٥/ ٥١٨ - ٥١٩) القولين، ثم علَّق بقوله: «وكلا القولين صحيح؛ فإنهم يجعلون له ولدًا، والولد يشبه أباه؛ ولهذا قال: {وإذا بُشِّرَ أحَدُهُم بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وجْهُهُ مُسْوَدًّا} [الزخرف: ١٧] أي: البنات، كما قال في الآية الأخرى: {وإذا بُشِّرَ أحَدُهُمْ بِالأُنثى} [النحل: ٥٨]، فقد جعلوها للرحمن مثلًا، وجعلوا له من عباده جزءًا، فإنّ الولد جزء من الوالد كما تقدم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنما فاطمة بضعة مني». وقوله: {وجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكاء الجِنَّ وخَلَقَهُمْ وخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٠]. قال الكلبي: نزلت في الزنادقة، قالوا: إنّ الله وإبليس شريكان؛ فالله خالق النور والناس والدواب والأنعام، وإبليس خالق الظلمة والسّباع والحيّات والعقارب».

<<  <  ج: ص:  >  >>