وقد رَجَّح ابنُ جرير (٧/ ١٠ - ١١ بتصرف) مستندًا إلى دلالة العقل، واللغة القولَ الأول منها، كما في قول ابن زيد ومن وافقه، أنّ المراد به مَن لا قرابة بينك وبينه، سواءٌ كان مسلمًا أو مشركًا، وعلَّل ذلك بأنّ "الجار ذي القربى: هو الجار ذو القرابة والرَّحِم، والواجب أن يكون الجار ذو الجنابة: الجار البعيد؛ ليكون ذلك وصيةً بجميع أصناف الجيران، قريبهم وبعيدهم. وبعد فإن الجنب في كلام العرب البعيد، كما قال أعشى بني قيس: أتيت حريثًا زائرًا عن جنابة فكان حريثٌ في عطائي جامدًا يعني بقوله: عن جنابة: عن بعد وغربة. ومنه قيل: اجتَنَب فلان فلانًا: إذا بَعُد منه". وزاد ابنُ عطية (٢/ ٥٤٦) قولًا آخر، فقال: «وقالت فِرْقةٌ: الجار ذو القربى: هو الجار القريب المسكن منك. والجار الجنب: هو البعيد المسكن منك». ثم علَّق عليه قائلًا: «وكأنّ هذا القولَ مُنتزَعٌ من الحديث، قالت عائشة: يا رسول الله، إنّ لي جارين، فإلى أيهما أُهدِي؟ قال: «إلى أقربهما منكِ بابًا»». وحكى كذلك عن ابن زيد أنّه قال في الجار الجنب: «هو الرجل يعتريك ويُلِمُّ بك لتنفعه».