للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التابعون وسائر الأمة لكن بشريطة الإحسان، وقد لزم هذا الاسم الطبقة التي رأت من رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو قال قائل: إن السابقين الأولين هم جميع من هاجر إلى أن انقطعت الهجرة. لكان قولًا يقتضيه اللفظ، وتكون {مِنَ} لبيان الجنس، و {وَالَّذِينَ} في هذه الآية عطف على قوله {وَالسَّابِقُونَ} " (١)، قال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ): "يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان. .، وأما أهل السُّنَّة فإنهم يترضون عمن رضي اللَّه عنه، ويسبون من سبَّه اللَّه ورسوله، ويوالون من يوالي اللَّه، ويعادون من يعادي اللَّه، وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدئون، ولهذا هم حزب اللَّه المفلحون، وعباده المؤمنون" (٢)، وقال ابن عطية (ت: ٥٤١ هـ) عند قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: ٢٩]: "إشارة إلى جميع الصحابة عند الجمهور" (٣)، وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ): "ثنى بالثناء على أصحابه -رضي اللَّه عنهم-" (٤).

[٢ - جمع آثار السلف واستيعابها في التفسير]

وهذا فرع عن اعتقاد إمامتهم على من بعدهم في كل دين وعلم وفضل، مع ما فيه من حسن تحقيق للمعاني بمعرفة كل ما قيل فيها من الأقوال، ومن ثم حسن توجيهها بما يوافق مقاصدهم. قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) مبينًا أهمية ذلك المنهج: "أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم فأما من حكى خلافًا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضًا فإن صحح غير الصحيح عامدًا فقد تعمد الكذب أو جاهلًا فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالًا متعددةً لفظًا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنًى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور واللَّه الموفق للصواب" (٥).


(١) المحرر الوجيز ٤/ ٣٩٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٤/ ١٧٧.
(٣) المحرر الوجيز ٧/ ٦٨٩. وينظر: جامع البيان ٢١/ ٣٢١.
(٤) تفسير القرآن العظيم ١٣/ ١٣٢.
(٥) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٨. ونقل ذلك عنه ابن كثير في مقدمة تفسيره ١/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>