وقد رجّح ابن جرير (١٧/ ٥٢٥) مستندًا إلى اللغة والعموم جميعَها، فقال: «واللغو في كلام العرب: هو كل كلام أو فعل باطل لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يستقبح؛ فسبُّ الإنسانِ الإنسانَ بالباطل الذي لا حقيقة له من اللغو، وذكر النكاح بصريح اسمه مما يستقبح في بعض الأماكن، فهو مِن اللغو، وكذلك تعظيمُ المشركين آلهتهم من الباطل الذي لا حقيقة لما عظموه على نحو ما عظموه، وسماع الغناء مما هو مستقبح في أهل الدين، فكل ذلك يدخل في معنى اللغو، فلا وجه إذ كان كل ذلك يلزمه اسم اللغو أن يُقال: عُنِي به بعض ذلك دون بعض. إذ لم يكن لخصوص ذلك دلالة من خبر أو عقل». وبنحوه ابنُ عطية (٦/ ٤٦٢ - ٤٦٣) مستندًا إلى عموم اللفظ، فقال: «واللغو: كل سقط من فعل أو قول، يدخل فيه الغناء واللهو وغير ذلك، ويدخل في ذلك سفه المشركين وأذاهم للمؤمنين، وذكر النساء، وغير ذلك من المنكر». [٤٧٦٩] علّق ابنُ جرير (١٧/ ٥٢٦) على قول السدي، فقال: «وإنما عنى السدي بقوله هذا -إن شاء الله-: أن الله نسخ ذلك بأمره المؤمنين بقتال المشركين بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: ٥]، وأمرهم إذا مروا باللغو -الذي هو شرك- أن يقاتلوا أمراءه، وإذا مروا باللغو الذي هو معصية لله أن يغيروه، ولم يكونوا أمروا بذلك بمكة، وهذا القول نظير تأويلنا الذي تأوَّلناه في ذلك».