[المبحث الثالث التفسير في عهد التابعين (عصر الدولة الأموية المروانية)]
تضم طبقة التابعين ثلاثة طبقات: كبار التابعين: وقد تقدم أنهم في الإدراك الزمني ألصق بالعصر السابق عصر الدولة الأموية السفيانية. ثم الطبقة الوسطى من التابعين، ثم صغار التابعين، وكلا الطبقتين تشغل هذا العصر، عصر الدولة الأموية المروانية، فأما طبقة أواسط التابعين؛ فمبدؤها عام ٧٣ هـ عام مقتل ابن الزبير -رضي اللَّه عنهما- إلى حدود عام ١٠١ هـ، عام وفاة عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه، وأما صغار التابعين فمن ذلك العهد إلى حدود عام هـ ١٣٢، عام سقوط الدولة الأموية.
يبدأ عصر الدولة الأموية المروانية بمقتل عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما-، واستقلال عبد الملك بن مروان بالخلافة، وانفراده بحكم جميع أرجاء الدولة الإسلامية، وقد حاول أن يعيد الأمن والاستقرار على كافة أراضي الدولة، وتحقق شيء من ذلك في معظمها، إِلا العراق فقد استمرت فيه الفتن والقلاقل والثورات لعوامل عديدة؛ لعل من أبرزها المظالم التي ارتكبها الحجاج بن يوسف الثقفي عامل الأمويين على العراق، من سفك الدماء وتشريد الأبرياء، فقامت عليه عدة ثورات ليس من الشيعة والخوارج فحسب؛ بل حتى من جنده وغيرهم، لعل من أخطرها وأعنفها ما عرف بفتنة ابن الأشعث (عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي) الذي أرسله الحجاج غازيًا في المشرق فما لبث أن عاد تجاه العراق وخلع الحجاج هو وجيشه، وأقبلوا كالسيل المنحدر، وانضم إليه جيش عظيم، حتى عجز عنهم الحجاج (١)، وذلك عام ٨١ هـ، كما انضم إليه أيضًا العشرات من علماء الكوفة والبصرة حتى قيل: إنه لم ينج منها إِلا مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وابن سيرين بالبصرة، وخيثمة بن