وذكر ابنُ عطية (٣/ ٦١٥ بتصرف) عدة احتمالات في الاستثناء الوارد في الآية: أولها: أن يريد: إلا أن يسبق علينا من الله في ذلك سابقٌ وسوء وينفذ منه قضاء لا يرد. وهو موافق لقول السدي، وقد وجَّهه بقوله: «والمؤمنون هم المُجَوِّزون لذلك، وشعيب قد عَصَمَتْه النبوة». ورجّحه مستندًا إلى ظاهر الآية بقوله: «وهذا أظهر ما يحتمل القول ... وقوله: {عَلى اللَّهِ تَوَكَّلْنا} استسلام لله، وتمسك بلفظه، وذلك يؤيد التأويل الأول في قوله: {إلا أن يشاء الله}». ثانيها: ويحتمل أن يريد استثناء ما يمكن أن يَتعبد اللهُ به المؤمنين مما يفعله الكفار من القربات. ثالثها: ويحتمل أن يريد بذلك معنى الاستبعاد، كما تقول: لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب. وهذا تأويل إنما هو للمعتزلة الذين من مذهبهم أنّ الكفر والإيمان ليسا بمشيئة من الله تعالى، فلا يترتب هذا التأويل إلا عندهم، وهذا تأويل حكاه المفسرون ولم يشعروا بما فيه. رابعها: إنّ هذا الاستثناء إنما هو تستر وتأدب. ويقلق هذا التأويل من جهة استقبال الاستثناء، ولو كان في الكلام «إن شاء الله» قوي هذا التأويل.