ووجَّه ابنُ عطية (٨/ ٢١٠) القول الأول بقوله: «وليس في الآية -على هذا القول- حكم مسّ المصحف لسائر بني آدم». ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٣٦٧) -مستندًا إلى ظاهر الآية- شمول المعنى لجميع الأقوال، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا: أنّ الله -جلَّ ثناؤه- أخبر أن لا يَمَسُّ الكتاب المكنون إلا المطهَّرون، فعمَّ بخبره المطَهَّرين، ولم يَخْصُصْ بعضًا دون بعض؛ فالملائكة من المطَهَّرين، والرُّسُل والأنبياء مِن المطَهَّرين، وكلُّ من كان مُطَهَّرًا مِن الذنوب فهو مِمَّن استُثْنِي، وعني بقوله: {إلا المُطَهَّرُونَ}». وذكر ابنُ عطية (٨/ ٢١٠) أنّ «مَن قال بأنها مصاحف المسلمين، قال: إنّ قوله: لا يَمَسُّهُ إخبار مضمّنه النهي، وضمة السين على هذا ضمة إعراب، وقال بعض هذه الفرقة: بل الكلام نهي، وضمة السين ضمة بناء». ثم انتقد (٨/ ٢١١) -مستندًا إلى اللغة- مَن قال بأنه نهي، فقال: «والقول بأن {لا يَمَسُّهُ} نهيٌ قول فيه ضعف، وذلك أنه إذا كان خبرًا فهو في موضع الصفة، وقوله تعالى بعد ذلك: {تَنْزِيلٌ} صفة أيضًا، فإذا جعلناه نهيًا جاء معنًى أجنبيًّا مُعْتَرَضًا بين الصفات، وذلك لا يحسن في رصف الكلام فتدبَّره، وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنهما -: (ما يَمَسُّهُ)، وهذا يقوِّي ما رجَّحته مِن الخبر الذي معناه: حَقُّهُ وقَدْرُه أن لا يمسَّه إلا طاهر».