ووجَّه ابنُ القيم القول الأول بقوله: «والذين قالوا: المراد به العمى عن الحجة إنما مرادهم: أنهم لا حجة لهم، ولم يريدوا أن لهم حجتهم عُمي عنها، بل هم عُمي عن الهدى، كما كانوا في الدنيا، فإنّ العبد يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه». ورجَّح ابنُ جرير (١٦/ ٢٠١) مستندًا إلى دلالة العموم شمول معنى الآية، بأن الله «يحشره أعمى عن الحجة، ورؤية الأشياء، كما أخبر -جلَّ ثناؤه-، فعَمَّ ولم يَخْصُصْ». ورجَّح ابنُ عطية (٦/ ١٤٢) القول الثاني، فقال: «وهذا هو الأوجه». ولم يذكر مستندًا، ثم وجَّه -بناءً على هذا المعنى- قول مَن قال في قوله تعالى: {ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: ١٠٢]، بأنه في العين قائلًا: «وأما قوله: {ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} فمَن رآه في العين فلا بُدَّ أن يتأوَّلها مع هذا؛ إما أنها في طائفتين، وإما في موطنين». وكذا رجَّح ابنُ القيم (٢/ ١٩٣) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثاني، وعلّل ذلك قائلًا: «فإنّ الكافر يعلم الحق يوم القيامة عيانًا، ويُقِرُّ بما كان يجحده في الدنيا، فليس هو أعمى عن الحق يومئذ». وانتقد ابنُ عطية مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الأول قائلًا: «ولو كان هذا لم يُحِسَّ الكافر بذلك؛ لأنه مات أعمى البصيرة، ويُحشَر كذلك». ثم علَّق على كلا القولين بقوله: «مع أن عمى البصيرة حاصِلٌ في الوجهين».