للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الرابع طرق السلف في التعبير عن المعنى]

الأصل في التفسير أن يكون بيانًا للمفسر بما يطابقه في المعنى، قال الطبري: "والخاسرون جمع خاسر، والخاسرون: الناقصون أنفسهم حظوظها بمعصيتهم اللَّه من رحمته. . . وقد قيل: إن معنى {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: ٢٧]، أولئك هم الهالكون. وقد يجوز أن يكون قائل ذلك أراد ما قلنا من هلاك الذي وصف اللَّه صفته بالصفة التي وصفه بها في هذه الآية بحرمان اللَّه إياه ما حرمه من رحمته بمعصيته إياه وكفره به. فحمل تأويل الكلام على معناه دون البيان عن تأويل عين الكلمة بعينها، فإن أهل التأويل ربما فعلوا ذلك لعلل كثيرة تدعوهم إليه" (١).

وإن كان هذا هو الأصل إِلا أن المفسر قد يعدل عن ذلك إلى بيان معنى الآية بطرق أخرى، كالتمثيل للمعنى العام، أو العدول إلى ذكر أحداث أو أشخاص على جهة النزول، أو التعبير بلازم المعنى، أو التفسير بجزء المعنى، أو التفسير السياقي، وكل هذه الأنواع يرجع فيها الخلاف إلى معنى واحد، لكن المفسر يريد أن يبين معنى خاصًا، فيقع الاختلاف في العبارات من أجل ذلك، وفيما يلي بيان هذه الأنواع:

[١ - التعبير بالمثال]

ويرد التعبير بالمثال حينما يكون اللفظ أو الحكم عامًّا، فيذكر المفسرون أمثلة لذلك اللفظ أو الحكم لا على سبيل التخصيص (٢).


(١) تفسير الطبري، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي ١/ ٤٤٢، وقال ابن تيمية: "فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافًا، فيحكيها أقوالًا، وليس كذلك. فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك، واللَّه الهادي".
(٢) لا يُحكم على عبارات السلف في مثل هذا المقام بالتخصيص إِلا بقرينة؛ إذ الأولى أن يُحمل كلامهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>