للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير الآية]

٥٧٨٠٤ - عن عروة بن الزبير، قال: ذُكِر عند عائشة أنّ ابن عمر يرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله عليه». فقالت: وهِلَ (١)، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لَيعذب بخطيئته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن». وذاك مثل قوله: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بدر مِن المشركين، فقال لهم ما قال: «إنهم ليسمعون ما أقول». وقد وهِلَ، إنما قال: «إنهم ليعلمون أن ماكنت أقول لهم حق». ثم قرأت: {إنك لا تسمع الموتى}، {وما أنت بمسمع من في القبور} [فاطر: ٢٢]، يقول: حين تَبَوَّءُوا مقاعدهم مِن النار (٢) [٤٩٠٣]. (ز)

٥٧٨٠٥ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إنك لا تسمع الموتى} قال: هذا مَثَلٌ ضربه الله للكافر، كما لا يسمع الميِّت، كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به، {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} يقول: لو أنّ أصم ولّى مُدْبِرًا ثم ناديته


[٤٩٠٣] قال ابنُ عطية (٦/ ٥٥٧ - ٥٥٨ بتصرف): «احتجَّتْ عائشة - رضي الله عنها - في إنكارها أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أسمع موتى بدر بهذه الآية، ونظرت هي في الأمر بقياس عقليٍّ، ووقفت مع هذه الآية، وقد صحَّ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أنتم بأسمع منهم». فيشبه أنّ قصة بدر هي خرق عادة لمحمد - عليه السلام - في أن رد الله إليهم إدراكًا سمعوا به مقالة، ولولا إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لِمَن بقي من الكفرة، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين منهم. وقد عُورِضت هذه الآية بالسلام على القبور، وبما رُوي في ذلك من أنّ الأرواح تكون على شفير القبور في أوقات، قالوا: فلو لم يسمع الميت لم يسلم عليه. قال القاضي أبو محمد: وهذا كله غير مُعارِض للآية؛ لأن السلام على القبور إنما هو عبادة، وعند الله الثواب عليها، وهو تذكير للنفس بحالة الموت وبحالة الموتى في حياتهم، وإن جوَّزنا مع هذا أنّ الأرواح في وقت على القبور؛ فإن سَمِع فليس الروح بميت، وإنما المراد بقوله: {إنك لا تسمع الموتى} الأشخاص الموجودة مفارقة لأرواحها، وفيها نقول: خرقت العادة لمحمد - عليه السلام - في أهل القليب. وذلك كنحو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الموتى إذا دخل عليهم الملَكان: «إنهم يسمعون خَفْق النِّعال»».

<<  <  ج: ص:  >  >>