للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣ - التوسع في الاستفادة من بعض مصادر التفسير]

من صور توسع التفسير لدى أتباع التابعين التوسع في إعمال بعض مصادره التي كانت عند من قبلهم، فمن ذلك:

[أ - القرآن]

حيث فاق أتباع التابعين مَن قبلهم في إعمال هذا المصدر، وكان من أبرزهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، الذي طرق شتّى مجالات تفسير القرآن بالقرآن، من بيان مجمل، وتوضيح مبهم، وإيضاح مشكل، والاستشهاد لمعنى آية بأخرى. كما برز قبله مقاتل بن سليمان، الذي برع في نوع جديد من علوم التفسير، وهو علم الوجوه والنظائر، وكان مَن بعده عيال عليه في هذا العلم، أيضًا ممن برز في هذا العلم من أتباع التابعين وأعمله في تفسيره يحيى بن سلّام.

ب - السُّنَّة:

أعمل الصحابة والتابعون هذا المصدر في التفسير، وكذلك أتباع التابعين، خصوصًا كبار محدثيهم، لذا زخرت مروياتهم بآثار السُّنَّة المفسرة للقرآن، والمبينة لمشكله، أو الاستشهاد بها على بعض معاني الآية، أو ذكر بعض الآثار المرفوعة المتممة لمعنى الآية، ظهر ذلك جليًّا في تفسير يحيى بن سلّام، الذي أكثر من توظيف السُّنَّة في تفسير الآيات، أو تأييد معنى فيها أو تتميمه، أو ترجيحه، سواء كان ذلك من تفسيره أو تفسير غيره، ولعله بذلك أول من اعتنى بهذا الجانب مثل هذه العناية الكبيرة (١)، واللَّه أعلم.

[ت - الإسرائيليات]

توسع أتباع التابعين في إيراد الأخبار الإسرائيلية كثيرًا، ورَوَوْا غرائب فيما يتعلق بقصص الأنبياء والأمم السابقة، وأوردوا تفاصيل دقيقة في المبهمات، لا تجدها عند غيرهم، وفاقوا من قبلهم في ذلك من حيث الجملة، بل لا يبعد القول أنه لم يفُقْ أفرادهم أحد من المتقدمين في سرد القصص سوى السُّدِّي (ت: ١٢٧ هـ)، ولعل سبب ذلك هو شغفهم بالجانب القصصي وتفاصيله من تعيين المبهمات وتسمية الذوات (٢)،


(١) ينظر بيان ذلك موسعًا في: المرجع السابق ص ١٨٥.
(٢) وهذا -أيضًا- واضح في أسباب النزول من توسع في السياق وتفاصيل للقصة، وسَوق روايات الأحداث العديدة في سياق واحد مع ربط بعضها ببعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>