للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الاحتجاج بالمأثور:

وأما الاحتجاج بالتفسير المأثور، والتعاطي معه من حيث القبول والردُّ، فله تفصيل لا بدَّ من معرفته ليفهم المتلقي برهان حجيته، ويمكن أن نقسم الأمر إلى نظرين: كليٍّ وتفصيلي.

أما النظر الكليٌّ، فيكون كالآتي:

إن المأثور لا يخرج عن أن يكون مرويًّا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أن يكون عن من بعده من طبقات السلف الثلاث.

- فإن كان مرويًّا صحيحًا صريحًا عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذا محلُّه القبول والتسليم بلا خلاف، ولا يجوز ردُّه أو الاعتراض عليه.

- وإن كان مرويًّا عن من بعده، فإنه لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يكون التفسير مجمعًا عليه، وهذا محلُّه القبول والتسليم، ولا يجوز ردُّه أو مخالفته والاعتراض عليه.

الثانية: أن يكون مختلفًا فيه بينهم، وهنا يجب معرفة أمور:

الأمر الأول: أن إجماعهم قد انعقد على هذه الأقوال المختلفة، وهذا يعني أنه لا يجوز أن يأتي قول جديد يبطل جميع أقوالهم، فاختلافهم ليس حجة في القول بقول خلافهم ولا بإبطال أقوالهم، لأن إبطال جميع أقوالهم المختلفة يعني أنهم جهلوا مراد اللَّه، وبقيت الأمة جاهلة به حتى ظهر هذا القول الجديد الحادث بعدهم.

ولا شك أن هذا اللازم دلمِل على بطلان القول الحادث لمن تأمله، إلا إن تعسَّف متعسِّف، وظن أنه يجوز أن يخاطب اللَّه سبحانه هؤلاء العرب الأقحاح بكلام عربي لا يفهمونه، ولا شك أن هذا محال.

الأمر الثاني: أن الحق لا يمكن أن يخرج عن اختلافهم، والمتأخر يلزمه الاختيار والترجيح بدليل علمي مقبول، كما فعل ابن جرير الطبري (ت: ٣١٠ هـ).

تنبيه: لو أضاف متأخر قولًا مغايرًا لأقوالهم، وليس فيه ردٌّ لأقوالهم، والآية محتملة له؛ فهذا النوع من الأقوال يمكن قبوله إذا وضحت فيه دلائل القبول.

وأما النظر التفصيلي، فيمكن تقسيمه إلى أربعة أنواع:

الأول: ما ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تفسيرًا صريحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>