للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبعين رجلًا مِن أصحاب الصُّفَّة فقراء كانوا إذا أصابوا طعامًا فشَبِعُوا منه تَصَدَّقوا بفضله، ثُمَّ إنّهم خرجوا إلى الغزو محتسبين إلى قتال قبيلتين من بني سليم: عصية، وذكوان، فقاتلوهم، فقُتِل السبعون جميعًا، فشقَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قتلُهم، فدعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا في صلاة الغداة؛ فأنزل الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} (١). (ز)

[تفسير الآية]

١٤٥٥٢ - قال مقاتل بن سليمان: {أو يتوب عليهم} فيهديهم لدينه، {أو يعذبهم} على كفرهم، {فإنهم ظالمون} (٢) [١٣٧٦]. (ز)


[١٣٧٦] ذكر ابنُ جرير (٦/ ٤٢) أن معنى قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ}، أي: «ليقطع طرفًا من الذين كفروا، أو يكبتهم، أو يتوب عليهم، أو يعذبهم، فإنهم ظالمون، ليس لك من الأمر شيء». وأن قوله: «{أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِم} منصوبٌ عطفًا على قوله: {أوْ يَكْبِتَهُم}».
ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ٣٥٠ - ٣٥١) هذا العطف بقوله: «فقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} اعتراض أثناء الكلام، وقوله: {أوْ يَتُوبَ} معناه: فيسلمون، وقوله: {أوْ يُعَذِّبَهُمْ} معناه: في الآخرة بأن يوافوا على الكفر».
ثم ذكر ابنُ جرير احتمالًا آخر أن المعنى: «ليس لك من الأمر شيءٌ حتى يتوب عليهم، فيكون نصبُ {يَتُوبَ} بمعنى: أو، التي هي في معنى: حتى».
ووجَّهه ابنُ عطية بقوله: «فيجيء بمنزلة قولك: لا أفارقك أو تقضيني حقي، وكما تقول: لا يتم هذا الأمر أو يجيء فلان، وقوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} ليس باعتراض على هذا التأويل، وإنما المعنى الإخبار لمحمد - عليه السلام - أنه ليس يتحصل له من أمر هؤلاء الكفار شيء يؤمله إلا أن يتوب الله عليهم فيُسلمون، فيرى محمد - عليه السلام - أحد أمَلَيْه فيهم، أو يعذبهم الله بقتلٍ في الدنيا، أو بنارٍ في الآخرة أو بهما، فيرى محمد - صلى الله عليه وسلم - الأمل الآخر، وعلى هذا التأويل فليس في قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} ردعٌ كما هو في التأويل الأول».
ورجَّح ابنُ جرير المعنى الأول مستندًا إلى الدلالة العقلية، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنه لا شيء من أمر الخلق إلى أحدٍ سوى خالقهم قبل توبة الكفار وعقابهم، وبعد ذلك».
وكذا ابنُ عطية قائلًا: «وذلك التأويل الأول أقوى».

<<  <  ج: ص:  >  >>