قال ابنُ عطية: «هو أوْلى هذه الأقوال؛ لأنه الذي لا محيد للكُفّار عن الإقرار به في أول ترتيبه، ثم إن قوله أولًا: {كنتم أمواتا}، وإسناده آخرًا الإماتةَ إليه تبارك وتعالى؛ مِمّا يقوي ذلك القولَ»، وهو في هذا مُستنِدٌ إلى دلائل عقليّة. وحكم ابنُ كثير عليه بالصحة مُستندًا لنظائرِه في القرآن، فقال: «وهو كقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} [الجاثية: ٢٦]».ووجَّهه ابنُ جرير (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨ بتصرف) بقوله: «فأمّا وجه تأويل من تَأَوَّل قوله: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم} أي: لم تكونوا شيئًا؛ فإنه ذَهَب إلى نحو قول العرب للشيء الدارس، والأمر الخامل الذكر: هذا شيء ميت، وهذا أمر ميت. يراد بوصفه بالموت: خمول ذكره، ودروس أثره من الناس. فكذلك تأويل قول من قال في قوله: {وكنتم أمواتا} لم تكونوا شيئًا، أي: كنتم خمولًا لا ذِكْرَ لكم، وذلك كان موتكم فأحياكم، فجعلكم بشرًا أحياء، ثم يميتكم بقبض أرواحكم وإعادتكم، ثم يحييكم بإعادة أجسامكم إلى هيئاتها، ونفخ الروح فيها»، ومُستندُهم في هذا لغةُ العربِ كما هو ظاهر. وقال ابنُ كثير (١/ ٣٣٢) مُستندًا إلى النظائرِ: «عَبَّر عن الحال قبل الوجود بالموت؛ بجامع ما يشتركان فيه من عدم الإحساس، كما قال في الأصنام: {أمواتٌ غيرُ أحياء} [النحل: ٢١]، وقال: {وآية لهم الأرضُ الميْتةُ أحييناها} [يس: ٣٣]».