للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأتهَوَّد، فإني أخشى أن يدال الكفار علينا. قال الآخر: أما أنا فإنِّي آتي الشامَ فأتَنَصَّر. فنزلت: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصارى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ ومَن يَتَوَلَّهُمْ مِنكُمْ} (١) [٢١٠٢]. (ز)

[تفسير الآية]

{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)}

٢٢٨١١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة مولى ابن عباس- قال: كُلُوا من ذبائحِ بني تغلبَ، وتزوَّجوا من نسائهم؛ فإن الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}. فلو لم يكونوا منهم إلا


[٢١٠٢] جزم ابنُ جرير (٨/ ٥٠٧ بتصرف) أن الآية إنما نزلت في شأن أحد المنافقين؛ لدلالة السياق، وما ذُكر من الأقوال محتملٌ يقبلُه العمومُ، ولا دليلَ يردُّه، وقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- نهى المؤمنين جميعًا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله. وقد يجوز أن تكون الآية نزلت في شأن عبادة بن الصامت وعبد الله بن أبي ابن سلول وحلفائهما من اليهود، ويجوز أن تكون نزلت في أبي لبابة بسبب فعله في بني قريظة، ويجوز أن تكون نزلت في شأن الرجلين اللذين ذكر إسماعيل السدي أنّ أحدهما هَمَّ باللحاق بدهلك اليهودي والآخر بنصراني بالشأم، ولم يصح من هذه الأقوال الثلاثة خبر يثبت بمثله حُجَّةٌ فيُسَلَّم لصحته القول بأنه كما قيل. فإذ كان ذلك كذلك فالصواب أن يحكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عمَّ، ويجوز ما قاله أهل التأويل فيه من القول الذي لا علم عندنا بخلافه؛ غير أنه لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي يهود أو نصارى خوفًا على نفسه من دوائر الدهر؛ لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك، وذلك قوله: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة}».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٣/ ١٩٠)، حيث ذكر الأقوال المختلفة فيها، ثم علّق بقوله: «وكل هذه الأقوال محتمل، وأوقات هذه النوازل مختلفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>