للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: أن يرد عنهم المعنى اللغوي، ولا يكون واردًا عن مفسري السلف، وهذا محله القبول؛ لأنهم أهل التخصص في هذا المقام.

قال الفراء (ت: ٢٠٧ هـ): "وقوله: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: ٧٢]، فـ (ـــالذي) في موضع خفض؛ أي: وعلى الذي، ولو أرادوا بقولهم: {والَّذِي فَطَرَنَا} القسم بها كانت خفضًا وكان صوابًا، كأنهم قالوا: لن نؤثرك واللَّه" (١).

ذكر الفراء (ت: ٢٠٧ هـ) احتمالين لغويين في تفسير (الواو)، وهما أن تكون واو القسم، أو تكون واو العطف، وهذان الاحتمالان في تفسير (الواو) لم يرد عن أحد من مفسري السلف.

قد يقال: ما الفرق بين هذا الحال والذي قبله؟ إن كان الذي قبله معنى يعرفه السلف لكنهم لم يفسروا به الآية؛ فكذلك هذا؟

والجواب عن هذا: أنهم في الحال الذي قبل هذا لم يفسروا الآية بما فسرها به اللغويون، ولكنهم فسروها بجنس ما فسرها به اللغويون، أما في هذا الحال فإنهم لم يفسروها بجنس ما فسرها به اللغويون.

٤ - المعلومات المتعلقة بالنزول (٢):

والمراد بها مجموعة من المعلومات التي لها علاقة بالآية من خارجها، كأسباب النزول، وبيان قصص القرآن -أو إشارته إلى قصة ما، ويدخل في ذلك الإسرائيليات-.

وهذه المصادر الكلية يستخدمها من جاء بعد الصحابة كما استخدموها.

ثم صار تفسير الصحابة الذي كان بآرائهم مصدرًا لمن جاء بعدهم من التابعين،


(١) معاني القرآن ٣/ ١٣٨.
(٢) هذا المصدر لم يُذكر عند من طرح هذا الموضوع سابقا، وهنا ملحوظتان:
الأولى: أن هذه المعلومات موجودة في تفسير الصحابة والتابعين وأتباعهم؛ لذا لا يلزم إفرادها هنا.
الثانية: المعلومات في هذا القسم لا تخرج عن طرق الوصول إلى التفسير، وهما:
١ - ما يكون من قبيل النقل الذي لا يدخله رأي؛ كأسباب النزول الصريحة.
٢ - ما يدخله الرأي، وهو حمل الآية القرآنية على قصة من القصص، كتفسير فتنة سليمان -عَلَيْهِ السَّلَام- بالجسد في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: ٣٤] أنه شيطان سلب ملكه. فهذا الحمل على هذه القصة من باب الرأي، وإن كانت القصة من قبيل المنقول.
وبهذا تدخل الإسرائيليات هنا، لأنه إذا لم يرد عن المعصوم فيها شيء، فهي من قبيل اجتهاد المفسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>