٣٨٩٥٤ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق السدي، عن مرة الهمداني- =
٣٨٩٥٥ - وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- في قوله:{فسالتْ أودية بقدرها} الآية، قال: فمَرَّ السَّيلُ على رأسه مِن التراب والغُثاءِ حتى استقَرَّ في القَرارِ وعليه الزَّبَدُ، فضَرَبَتْه الريحُ، فذهب الزَّبَدُ جفاءً إلى جوانبه، فيَبِس، فلم ينفع أحدًا، وبَقِي الماءُ الذي ينتفع به الناسُ، فشربوا منه، وسَقَوْا أنعامهم، فكما ذهب الزَّبَدُ فلم ينفع، فكذلك الباطلُ يَضْمَحِلُّ يوم القيامة فلا ينفع أهله، وكما نفع الماءُ فكذلك ينفعُ الحقُّ أهله، هذا مَثَلٌ ضربه الله (١). (٨/ ٤٢٠)
٣٨٩٥٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله:{أنزَلَ من السَّماء ماءً} الآية، قال: هذا مَثَلٌ ضربه اللهُ، احْتَمَلَتْ مِنه القلوبُ على قدْرِ يقينها وشكِّها؛ فأمّا الشَّكُّ فما ينفع معه العَمَلُ، وأَمّا اليقين فينفعُ الله به أهلَه، وهو قولُه:{فأمّا الزبدُ فَيَذهبُ جُفاءً} وهو الشكُّ، {وأمّا ما ينفعُ النّاس فيمكُثُ في الأرضِ} وهو اليقينُ، وكما يُجْعَلُ الحُلِيُّ في النار، فيؤخذُ خالصُه به، ويُتْرَكُ خَبَثُه في النار؛ كذلك يقبلُ اللهُ اليقينَ، ويترُكُ الشَّكَّ (٢)[٣٥٠٤]. (٨/ ٤١٨)
[٣٥٠٤] نقل ابنُ عطية (٥/ ١٩٧) عن ابن عباس أن «قوله تعالى: {مِنَ السَّماءِ} يريد به: الشَّرْعَ والدِّين، وقوله تعالى: {فَسالَتْ أوْدِيَةٌ} يريد به: القلوب، أي: أخذ النبيل بحظِّه، والبليد بحظِّه». ثم انتقده مستندًا إلى ضعف إسناد الأثر، وإلى مخالفة لغة العرب قائلًا: «وهذا قول لا يصح -والله أعلم- عن ابن عباس؛ لأنه ينحو إلى أقوال أصحاب الرموز، وقد تمسَّك به الغزاليُّ وأهل ذلك الطريق، ولا وجه لإخراج اللفظ عن مفهوم كلام العرب لغير عِلَّةٍ تدعو إلى ذلك». إلا أنه وجَّهه على فرض صحته بقوله: «وإن صَحَّ هذا القول عن ابن عباس فإنما قصد أنّ قوله تعالى: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ والباطِلَ} معناه: الحق الذي يتقرر في القلوب، والباطل الذي يعتريها».