ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ٣٣٩) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثالث، وهو قول عطاء من طريق ابن جريج، والشعبي، ومجاهد من طريق منصور، والزهري من طريق معمر، وعبد الله بن شداد، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها، فقيل له: الأكبر؛ لذلك. وأما الأصغر فالعمرة؛ لأن عملها أقل مِن عمل الحجّ، فلذلك قيل لها: الأصغر؛ لنقصان عملها عن عمله». وذكر ابنُ عطية (٤/ ٢٥٥) قولًا آخر في سبب التسمية، نسبه للمنذر بن سعيد وغيره: أنّ الناس كانوا يوم عرفة مفترقين؛ إذ كانت الحُمُس تقِف بالمزدلفة، وكان الجمع يوم النحر بمنى، فلذلك كانوا يسمونه: الحج الأكبر، أي: من الأصغر الذي هم فيه مفترقون. وانتَقَد ابنُ عطية (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧) قول الحسن، وعبد الله بن الحارث بن نوفل -وهم أصحاب القول الأول- مستندًا إلى الدلالة العقلية قائلًا: «وهذا ضعيف أن يصفه الله تعالى في كتابه بالكبر لهذا «. وبيَّن أن الأقرب مِن نظر الحسن هو قوله الآخر من طريق مَعْمَر، بأنه سُمِّي: أكبر؛ لأنه حج فيه أبو بكر?، ونُبِذَت فيه العهود، وبيّن علَّة ذلك القول بأنّ» ذلك اليوم كان المفتتح بالحق وإمارة الإسلام بتقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونبذت فيه العهود، وعَزَّ فيه الدينُ، وذلَّ الشرك، ولم يكن ذلك في عام ثمان حين ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج عتّاب بن أسِيد، بل كان أمر العرب على أوله، فكلُّ حجٍ بعد حجِّ أبي بكر? فمُتَرَكِّب عليه، فحقُّه لهذا أن يُسمّى: أكبر". وانتقد (٤/ ٢٥٧) قولَ مجاهد من طريق حماد مستندًا إلى دلالة الظاهر بقوله: «وهذا ليس من الآية في شيء». ثم ذكر قولًا آخر حكم بوجاهته، فقال: «ويتَّجِه أن يوصَف بالأكبر على جهة المدح، لا بالإضافة إلى أصغر معين، بل يكون المعنى: الأكبر من سائر الأيام».