للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للزبير: "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جمارك"، فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول اللَّه أن كان ابن عمتك فتلون وجه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال: "يا زبير اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر".

فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا} [النساء: ٦٥] " (١).

وفي كلا الحالين يُعدُّ ذكر السبب مثالًا للمعنى العام الوارد في الآية، لذا قال العلماء: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".

[٣ - التعبير باللازم]

المقصود باللازم: ما يلزم من اللفظ (إما من جهة اللغة وإما من جهة اللفظ في ذلك السياق)، وهو أشبه بأن يكون كالنتيجة للمعنى المنصوص عليه في الآية، فيشير إليه المفسر للتنبيه على أنه مراد في الخطاب، وإن لم يُنصَّ عليه بعينه، وإنما يضطر المفسر لسلوك هذا السبيل لخفاء اللازم على المتعلم.

ومثاله: ما قاله ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ): "وكذلك قول من قال: الْمَخْضُودُ: "الذي لا يَعْقِرُ اليد" "ولا يَرِدُ اليد منه شوك" "ولا أذى فيه" فسَّره بلازم المعنى. وهكذا غالب المفسرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارة، وفردًا من أفراده تارة، ومثالًا من أمثلته، فيحكيها الجمَّاعون للغث والسمين أقوالًا مختلفة، ولا اختلاف بينها" (٢).

[٤ - التعبير بجزء المعنى]

تأتي بعض ألفاظ اللغة دالة على مجموعة معان، فإذا اجتمعت أُدِّيت بذلك اللفظ، وهذا مبني على معرفة الفروق بين الألفاظ، وهو من أصول فقه اللغة، ومن أمثلة ذلك الفرق بين العلم والمعرفة، والمرح والفرح، والكذب والمين. . . إلخ من الألفاظ المتقاربة المعاني.

ومما يدل على أهمية معرفة هذا النوع من التعبير أنك تجد بعض أهل البدع يعمدون إلى قصر اللفظ على جزء معناه ليوافق رأيهم البدعي، ومن ذلك تفسير


(١) صحيح مسلم ٤/ ١٨٢٩، باب وجوب اتباعه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، لابن القيم، تحقيق: زائد بن أحمد النشيري ١/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>