للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأخذ بمصدر أو قلَّته فحسب، ولذا لا تكاد تفرق بين عباراتهم، ولا في طريقتهم في التفسير، إِلَّا وجود نزر يسير من أثر البيئة أو الأحداث التي تحصل عليهم، فترى في تعبيرهم ما يناسب تلك الأحداث والوقائع، وإن لم يشيروا إليها صراحة، ومن ذلك:

ما رواه الطبري بسنده عن الزهري (ت: ١٢٤ هـ)، أن ابن الزبير (ت: ٧٣ هـ)، قال: "إنما سمي البيت العتيق؛ لأن اللَّه أعتقه من الجبابرة"، وكأنه يشير إلى ما وقع بينه وبين الحجاج (ت: ٩٥ هـ)، وأن الحجاج لن يغلب على البيت، لكن كان ما قدَّره اللَّه، واللَّه أعلم.

وقد تكون هذه الواقعة هي سبب اتجاه ابن الزبير إلى هذا التفسير دون تفسير العتيق بالقديم، وهو الوجه الثاني، والوجهان صحيحان محتملان، واللَّه أعلم.

٣ - أنهم يفسرون حسب القراءة التي يقرؤون بها، فالمكيون يقرؤون بما آلت إليه قراءة ابن كثير؛ لأنه أخذها عن مجاهد (ت: ١٠٥ هـ) عن ابن عباس (ت: ٦٨ هـ) عن أُبي بن كعب (ت: ١٩ هـ وقيل غيرها)، والكوفيون عندهم قراءة ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ) وقراءة علي (ت: ٤٠ هـ)، والشاميون قراءة أبي الدرداء (ت: ٣٢ هـ)، وهكذا.

ومن أمثلة ذلك ما رواه الطبري بسنده عن عاصم، عن زر " {وما هو على الغيب بظنين} قال: في قراءتنا بمتهم، ومن قرأها {بِضَنِينٍ} [التكوير: ٢٤] يقول: ببخيل" (١).

* الطبقة الثالثة: طبقة أتباع التابعين:

تابع التابعي: هو من لقي التابعي، وهو مؤمن، ومات على ذلك (٢).

واختلف في اشتراط الرواية عن التابعي.

وممن برز في هذه الطبقة: مقاتل بن سليمان (ت: ١٥٠ هـ)، ومقاتل بن حيان (ت: ١٥٠ هـ)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: ١٨٢ هـ)، وسفيان بن عيينة (ت: ١٩٨ هـ).

وقد ظهر في زمن أتباع التابعين مشاركة بعض اللغويين وبعض أهل البدع، وكان لمن شارك في التفسير من أهل اللغة؛ كالفراء (ت: ١٠٧ هـ)، وأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت: ٢١٠ هـ) أثر في المصنفات التي ستأتي بعد ذلك.


(١) تفسير الطبري، تحقيق: التركي ٢٤/ ١٦٨.
(٢) ينظر: معجم لغة الفقهاء ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>