ثم تَعَجَّب ممن أنكر هذا المعنى المفهوم من كلام العرب؛ هربًا عند نفسه من أن يكون إنّما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، وانتَقَدَه (١/ ٤٥٧) بقوله: «يُقال له: زعمتَ أن تأويل قوله: {استوى}: أقْبَلَ. أفكان مُدْبِرًا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أنّ ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها عُلُوَّ ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال».
وعَلَّل ابنُ تيمية (١/ ١٨٥ - ١٨٦) تفسيرَ السلف له بالارتفاع بدلالة القرآن في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} [فصلت: ١١]: «وهذه نزلت في سورة (حم) بمكة، ثم أنزَل الله في المدينة سورةَ البقرة: {ثُمَّ اسْتَوى إلى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فلمّا ذَكَرَ أنّ اسْتِواءَه إلى السماء كان بعد أن خلق الأرض، وخلق ما فيها، تَضَمَّن معنى الصُّعُود؛ لأنّ السماء فوق الأرض، فالاستواءُ إليها ارتفاعٌ إليها». وعلَّقَ ابنُ كثير (١/ ٣٣٢) بقوله: «أي: قَصَد إلى السماء، والاستواءُ هاهنا تَضَمَّن معنى القصد والإقبال؛ لأنه عُدِّي بـ {إلى}».