للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأسلمتْ أمُّ الفضل، وأسلمتُ، وكان العباس يهاب قومَه، ويكره أن يخالفهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير مُتَفَرِّق في قومه. وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر، وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكذلك صنعوا، لم يتخلَّف رجل إلا بعث مكانه رجلًا، فلما جاء الخبرُ عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قُوَّةً وعِزًّا، قال: وكنت رجلًا ضعيفًا، وكنت أعمل القِداح (١)، أنحتها في حُجْرَة زمزم، فواللهِ، إنِّي لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أمُّ الفضل جالسةً، وقد سَرَّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يَجُرُّ رجليه بِشَرٍّ، حتى جلس على طُنُبِ الحجرة (٢)، فكان ظهره إلى ظهري، فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدِم. قال: قال أبو لهب: هلُمَّ إلَيَّ، يا ابن أخي، فعندك الخبرُ. قال: فجلس إليه، والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي، أخبِرْني كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء، واللهِ، إن كان إلا أن لقيناهم، فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاءوا، وايمُ اللهِ، مع ذلك ما لُمْتُ الناس، لقينا رجالًا بيضًا على خَيْل بُلْقٍ (٣) ما بين السماء والأرض، ما يليق لها شيء، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعتُ طُنُب الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك الملائكة (٤). (ز)

{بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}

١٤٤٦٠ - عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: {إن تصبروا وتتقوا} الآية، قال: كان هذا موعِدًا مِن الله يوم أحد، عرضه على نبيه - صلى الله عليه وسلم -:


(١) القِداح: خشب السِهام. (قدح)
(٢) طنب الحجرة: الطنب أحد أطناب الخيمة، واستعير هنا لناحية الغرفة وطرفها. النهاية (طنب).
(٣) بُلْق: فيها بياض وسواد. القاموس (بلق).
(٤) أخرجه أحمد ٣٩/ ٢٩٠ (٢٣٨٦٤) باختصار، والحاكم ٣/ ٣٦٥ (٥٤٠٦)، ٣/ ٣٦٦ (٥٤٠٧)، وابن جرير ٦/ ٢٣ - ٢٤ من طريق محمد بن إسحاق، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة به.
قال الحاكم: «لم يزد أبو أحمد في هذا الإسناد على هذا المتن، وأتى به مرسلًا». وقال الذهبي: «حسين بن عبد الله بن عبيد الله واه». وقال الهيثمي في المجمع ٦/ ٨٧ - ٨٨ (١٠٠١٣): «بعضه مرسل، ورجال غير المرسل ثقات». وقال أيضًا ٦/ ٨٨ - ٨٩ (١٠٠١٤): «في إسناده حسين بن عبد الله بن عبيد الله، وثَّقه أبو حاتم وغيره، وضعَّفه جماعة، وبقية رجاله ثقات».

<<  <  ج: ص:  >  >>