للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منا (١). [٢٧٣١] (ز)

[تفسير الآية]

{يَسْأَلُونَكَ}

٣٠٠٤٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قوله: {يسألونك}،


[٢٧٣١] اختُلِفَ في السبب الذي من أجله أُنزلت الآية على ثلاثة أقوال: أولها: أنها نزلت في غنائم بدر؛ نفَّل أقوامًا على بلاءٍ، فأبلى أقوام، وتخلَّف آخرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاختلفوا فيها بعد انقضاء الحرب، فأنزل الله هذه الآية على رسوله، يُعْلِمُهم أن ما فعل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فماضٍ جائزٌ. وثانيها: أنها أُنزِلت لأن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله من المغنم شيئًا قبل قِسْمَتِها، فلم يعطه إياه؛ إذ كان شِرْكًا بين الجيش، فجعل الله جميعَ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وثالثها: أنها نزلت؛ لأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوا قسمة الغنيمة بينهم يوم بدر، فأعلمهم الله أنّ ذلك لله ولرسوله دونهم، ليس لهم فيه شيء. وقالوا: معنى {عن} في هذا الموضع: مِن. وإنما معنى الكلام: يسألونك مِن الأنفال.
وبيَّنَ ابن جرير (١١/ ٢١) أنّ الأقوال الثلاثة جائزة في الآية، فقال: «وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى أخبر في هذه الآية عن قوم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنفالَ أن يُعْطِيهُمُوها، فأخبرهم الله أنها لله، وأنه جعلها لرسوله. وإذا كان ذلك معناه، جاز أن يكون نزولها كان من أجل اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، وجائز أن يكون كان من أجل مسألة من سأله السيف الذي ذكرنا عن سعد أنه سأله إياه، وجائز أن يكون من أجل مسألة مَن سأله قَسْم ذلك بين الجيش».
وقال ابنُ عطية (٤/ ١٢٩): «يجيء من مجموع هذه الآثار: أنّ نفوس أهل بدر تنافرت، ووقع فيها ما يقع في نفوس البشر من إرادة الأثرة، لا سيما مَن أبلى، فأنزل الله - عز وجل - الآية، فرضي المسلمون وسلّموا، فأصلح الله ذات بينهم، ورَدَّ عليهم غنائمهم».ومال ابنُ تيمية (٣/ ٢٤٧) للقول الأول، فقال: «قد تنازع المسلمون يوم بدر في الأنفال، فقال الآخذون: هي لنا. وقال الذاهبون خلف العدو: هي لنا. وقال الحافظون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي لنا. حتى أنزل الله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}».

<<  <  ج: ص:  >  >>