للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير الآية]

{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}

١٢٧٠٣ - عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أبي بكر- قال: فدخل المحراب، وغلَّق الأبواب، وناجى ربَّه، فقال: {ربّ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا} إلى قوله: {رب رضيًّا} [مريم: ٤ - ٦]. {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدّقًا بكلمة من الله} (١) [١١٧٨]. (ز)

١٢٧٠٤ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {فنادته الملائكة}، قال: جبريل (٢) [١١٧٩]. (٣/ ٥٢٦)


[١١٧٨] رَجَّح ابنُ جرير (٥/ ٣٦٥) هذا القول الذي قال به قتادة، والربيع، وعكرمة، ومجاهد مستنِدًا إلى اللغة، فقال: «وأمّا الصواب من القول في تأويله فأن يقال: إنّ الله -جل ثناؤه- أخبر أنّ الملائكة نادته، والظاهر من ذلك أنها جماعة من الملائكة دون الواحد، وجبريل واحد، فلن يجوز أن يحمل تأويل القرآن إلا على الأظهر الأكثر من الكلام المستعمل في ألسن العرب دون الأقلِّ ما وجد إلى ذلك سبيل، ولم يَضْطرنا حاجة إلى صرف ذلك إلى أنّه بمعنى واحد، فيُحْتاج له إلى طلب المخرج بالخفيِّ من الكلام والمعاني».
وعلَّق ابنُ عطية (٢/ ٢٠٧) على هذا القول ذاكرًا ما يستند إليه من النّظائر، فقال: «وقال قوم: بل نادت ملائكةٌ كثيرةٌ حسبما تقتضيه ألفاظ الآية. وقد وجدنا الله تعالى بعث ملائكة إلى لوط، وإلى إبراهيم - عليه السلام -، وفي غير ما قصة».
[١١٧٩] وجَّه ابنُ جرير (٥/ ٣٦٤ بتصرف) هذا القول الذي قال به السدي، ومقاتل، فقال: «فإن قال قائلٌ: وكيف جاز أن يُقال على هذا التأويل: {فنادته الملائكة} والملائكة جمع لا واحد؟ قيل: ذلك جائز في كلام العرب بأن تُخْبِر عن الواحد بمَذْهب الجمع، كما يُقال في الكلام: خرج فلان على بِغال البُرُد، وإنّما ركب بَغْلًا واحدًا، ورَكِب السُّفُن، وإنّما ركب سفينة واحدة. وقد قيل: إنّ منه قوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} [آل عمران: ١٧٣]، والقائلُ كان -فيما ذُكِر- واحدًا، وذلك جائز عندهم فيما لم يُقْصَد فيه قَصْد واحد».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>