[٦٠٠٨] وجّه ابنُ جرير (٢١/ ١٩٠) المعنى على قراءات الآية، فقال: «وقوله: {والذين قاتلوا في سبيل الله} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة: «والَّذِينَ قاتَلُواْ»، بمعنى: حاربوا المشركين، وجاهدوهم، بالألف. وكان الحسن البصري فيما ذُكر عنه يقرأه: (قُتِّلُوا) بضم القاف وتشديد التاء، بمعنى: أنه قتلهم المشركون بعضهم بعد بعض، غير أنّه لم يسمّ الفاعلون. وذكر عن الجحدري عاصم أنه كان يقرأه (والَّذِينَ قَتَلُوا) بفتح القاف وتخفيف التاء، بمعنى: والذين قتلوا المشركين بالله. وكان أبو عمرو يقرأه {قُتلوا} بضم القاف وتخفيف التاء بمعنى: والذين قتلهم المشركون، ثم أسقط الفاعلين، فجعلهم لم يُسمَّ فاعل ذلك بهم». ثم رجّح -مستندًا لإجماع الحجة من القراء- قراءة «قاتَلُواْ»، فقال: «وأولى القراءات بالصواب قراءة من قرأه: «والَّذِينَ قاتَلُواْ»؛ لاتفاق الحجة من القراء، وإن كان لجميعها وجوه مفهومة». وبنحوه قال ابنُ عطية (٧/ ٦٤٢) حيث قال: «والقراءة الأولى أعمُّها وأوضحها معنى». ثم وجّه ابنُ جرير معنى الآية عليها، فقال: «وإذ كان ذلك أولى القراءات عندنا بالصواب فتأويل الكلام: والذين قاتلوا منكم -أيها المؤمنون- أعداء الله مِن الكفار في دين الله، وفي نصرة ما بعث به رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من الهُدى، فجاهدوهم في ذلك، {فلن يضل أعمالهم} فلن يجعل الله أعمالهم التي عملوها في الدنيا ضلالًا عليهم كما أضلّ أعمال الكافرين».