للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{والحِكْمَةِ} والموعظة التي في القرآن من أمره ونهيه. يقول: {يَعِظُكُمْ بِهِ} يعني: بالقرآن، {واتَّقُوا اللَّهَ} يعظكم فلا تَعْصُوهُ فِيهِنَّ. ثُمَّ حَذَّرهم، فقال: {واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ} من أعمالكم، {عَلِيمٌ} فيجزيكم بها (١). (ز)

٨٨٥٣ - عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: {وما أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الكِتابِ والحِكْمَةِ} يعني بالحكمة: الحلال، والحرام، وما سَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، {يَعِظُكُمْ بِهِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} يقول: يعظكم الله به، واتقوا الله في أمره ونهيه، واعلموا أنّ الله بكل شيء عليم (٢). (ز)

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}

[نزول الآية]

٨٨٥٤ - عن مَعْقِلِ بن يَسار -من طرقٍ- قال: كانت لي أختٌ، فأتاني ابنُ عمٍّ لي، فأنكَحْتُها إيّاه، فكانت عنده ما كانت، ثم طلَّقها تطليقةً لم يُراجِعْها، حتى انقَضَت العِدَّة، فهَوِيَها وهَوِيَته، ثم خطبها مع الخُطّاب، فقلتُ له: يا لُكَعُ، أكْرَمْتُك بها، وزوَّجْتُكما، فطَلَّقْتَها، ثم جئتَ تَخْطُبُها، واللهِ، لا تَرْجِعُ إليكَ أبدًا. وكان رجلًا لا بأسَ به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلِها؛ فأنزَل الله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}. قال: ففِيَّ نزلت هذه الآية، فكفَّرْتُ عن يميني، وأنكَحْتُها إيّاه. وفي لفظ: فلمّا سمِعها مَعْقِلٌ قال: سَمْعٌ لربي وطاعة. ثُمَّ دعاه، فقال: أُزَوِّجُكَ، وأُكْرِمُكَ (٣). (٢/ ٧٠٥)

٨٨٥٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عليِّ بن أبي طلحة- قال: نزلت هذه الآيةُ في الرجل يُطَلِّقُ امرأتَه طلقةً أو طلقتين، فتنقضي عِدَّتُها، ثم يبدو له تزويجُها وأن يُراجِعَها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤُها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها (٤) [٨٧٦]. (٢/ ٧٠٥)


[٨٧٦] اختُلِف فيمن نزلت هذه الآية؛ فقال قوم: نزلت في معقل بن يسار. وقال آخرون: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري. وقال غيرهم: نزلت هذه الآية دلالة على نهي الرجل عن مضارة ولِيَّته من النساء، يعضلها عن النكاح.
ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ١٩٣) القول الثالث مستندًا إلى أقوال السلف، فقال: «والصواب من القول في هذه الآية أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذكره- أنزلها دلالةً على تحريمه على أولياء النِّساء مضارةَ مَن كانوا له أولياء من النساء بِعَضْلِهِنَّ عَمَّن أرَدْنَ نكاحَه من أزواجٍ كانوا لَهُنَّ، فَبِنَّ منهم بما تَبِينُ به المرأةُ من زوجها من طلاق أو فَسْخِ نكاح».
ثُمَّ بَيَّن جواز كلا القولين الأخريين، فقال: «وقد يجوز أن تكون نزلت في أمر معقل بن يسار وأمر أخته، أو في أمر جابر بن عبد الله وأمر ابنة عمه، وأي ذلك كان فالآية دالَّةٌ على ما ذكرت».
وذكر ابنُ كثير (٢/ ٣٧١) أنّ هذا القول ظاهرٌ من الآية، فقال: «وهذا الذي قالوه ظاهِرٌ من الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>