١٥٨٧١ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- في قوله: {لا يشترون
[١٥٠٣] ذكر ابن جرير (٦/ ٣٣٠) اختلاف المفسرين فيمن نزلت فيه هذه الآية، ثم رجَّح مستندًا إلى دلالة العموم قول مجاهد بعمومها في كل مَن آمَن مِن أهل الكتاب، فقال: «وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله مجاهد، وذلك أن الله -جَلَّ ثناؤه- عمَّ بقوله: {وإن من أهل الكتاب} أهل الكتاب جميعًا، فلم يخصص منهم النصارى دون اليهود، ولا اليهود دون النصارى، وإنما أخبر أن من أهل الكتاب من يؤمن بالله، وكلا الفريقين -أعني: اليهود والنصارى- من أهل الكتاب».وانتقد ابن جرير القول بكونها نازلة في النجاشي، مستندًا إلى ضعف الخبر المروي في ذلك، ثم بين أنه على فرض صحته داخل في عموم القول الأول، فقال عقب إيراده: «ذلك خبر في إسناده نظر، ولو كان صحيحًا لا شك فيه لم يكن لما قلنا في معنى الآية بخلاف، وذلك أنه قد تنزل الآية في الشيء ثم يعم بها كل من كان في معناه، فالآية وإن كانت نزلت في النجاشي، فإن الله تبارك وتعالى قد جعل الحكم الذي حكم به للنجاشي حكمًا لجميع عباده الذين هم بصفة النجاشي في اتباعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».وانتقد ابن تيمية (٢/ ١٩٠) مستندًا إلى دلالة التاريخ والدلالات العقلية القول بنزولها في عبد الله بن سلام، وضعَّفه بأن ابن سلام وأمثاله من المؤمنين ظاهرًا وباطنًا لا يجوز أن يقال فيهم: {وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ} [آل عمران: ١٩٩] الآية. أما أولًا: فإن ابن سلام أسلم في أول ما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وسورة آل عمرن إنما نزل ذكر أهل الكتاب فيها لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر. وثانيًا: أن ابن سلام وأمثاله هو واحد من جملة الصحابة والمؤمنين، وهو من أفضلهم، فلا يقال فيه: إنه من أهل الكتاب. وهؤلاء لهم أجور مثل أجور سائر المؤمنين، بل يُؤْتَوْنَ أجرهم مرتين، وهم ملتزمون جميع شرائع الإسلام، فأجرهم أعظم من أن يقال فيه: {أُولَئِكَ لَهُمْ أجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ}. وأيضًا، فإن أمر هؤلاء كان ظاهرًا معروفًا، ولم يكن أحد يشك فيهم، فأي فائدة في الإخبار بهم؟ بخلاف أمر النجاشي وأصحابه ممن كانوا متظاهرين بكثير مما عليه النصارى؛ فإن أمرهم قد يشتبه.