وعلَّقَ ابنُ عطية (٧/ ٣١٥) على القولين، فقال: «مَن جعل {الجنة}: الشياطين؛ جعل العلامة في {عَلِمَت} لها، والضمير في {إنهم} عائد عليهم، أي: جعلوا الشياطين بنسب من الله، والشياطين تعلم ضد ذلك مِن أنها ستحضر أمر الله وثوابه وعقابه. ومَن جعل {الجنة}: الملائكة؛ جعل الضمير في {إنهم} للقائلين هذه المقالة، أي: علمت الملائكة أن هؤلاء الكفرة سيحضرون ثواب الله وعقابه. وقد يتداخل هذان القولان». ورجَّحَ ابنُ جرير (١٩/ ٦٤٦) القولَ الثانيَ -وهو قول السديّ- استنادًا إلى نظائرها في السورة، فقال: «أولى القولين في ذلك بالصواب قول مَن قال: إنهم لمحضرون العذاب. لأن سائر الآيات التي ذكر فيها الإحضار في هذه السورة إنما عني به: الإحضار في العذاب، فكذلك في هذا الموضع». وظاهر كلام ابن كثير (١٢/ ٦٢) أنه ذهب إلى هذا أيضًا. [٥٥٢٦] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٣١٥) قولين في الاستثناء الواقع في الآية، فقال: «نزَّه تعالى نفسه عما يصفه الناس ولا يليق به، ومن هذا استثنى العباد المخلصين؛ لأنهم يصفونه بصفاته العلى، وقالت فرقة: استثناهم من قوله: {إنهم لمحضرون}. وهذا يصح على قول من رأى الجنة: الملائكة». وذَهَبَ ابنُ جرير (١٩/ ٦٤٧) إلى الثاني مستندًا لأقوال السلف. وذهب ابنُ القيم (٢/ ٣٧٥)، وكذا ابنُ كثير (١٢/ ٦٢) إلى الأول، وهو الظاهر من كلام ابن عطية، ولم يذكروا مستندًا. وعقَّبَ ابنُ كثير (١٢/ ٦٢) على كلام ابن جرير بقوله: «جعل ابنُ جرير هذا الاستثناء من قوله تعالى: {إنهم لمحضرون ... إلا عباد الله المخلصين}، وفي هذا الذي قاله نظر».