للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتكتموا الشهادة، يلوي: يُنقِص منها، أو تعرض عنها، فتكتمها، فيأبى أن يشهد عليه، يقول: أكتم عنه لأنّه مسكين أرحمه، فيقول: لا أقيم الشهادة عليه. ويقول: هذا غنيٌّ أبَقِّيه، وأرجو ما قِبَلَه، فلا أشهد عليه، فذلك قوله: {إن يكن غنيا أو فقيرا} (١) [١٨٨٤]. (ز)

{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)}

٢٠٦٤٨ - عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- قوله: {فإن الله كان بما تعملون}، يعني: مِن كتمان الشهادة وإقامتها {خبيرًا} (٢). (ز)

٢٠٦٤٩ - قال مقاتل بن سليمان: {فإن الله كان بما تعملون} مِن كتمان الشهادة وإقامتها {خبيرا} (٣). (ز)


[١٨٨٤] اختُلِف في معنى قوله: {وإن تلووا أو تعرضوا} على قولين، الأول: قول ابن عباس من طريق أبي ظبيان: هي في الخصمين يجلسان بين يدي القاضي، فيكون ليُّ القاضي وإعراضُه لأحدهما على الآخر. والثاني: هي في الشاهد يلوي الشهادة بلسانه ويحرفها، فلا يقول الحقَّ فيها، أو يُعْرِض عن أداء الحق فيها.
ورَجَّح ابنُ جرير (٧/ ٥٩٢) القولَ الثاني مستندًا إلى الأظهر من معنى الشهادة، فقال: «لأنّ الله -جل ثناؤه- قال: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله}، فأمرهم بالقيام بالعدل شهداء، وأظهرُ معاني الشهداء ما ذكرنا مِن وصفهم بالشهادة».
ورَجَّح ابنُ عطية (٣/ ٤٤) العمومَ بدلالة العقل، والشرع، فقال: «ولفظ الآية يعمُّ القضاءَ، والشهادة، والتوسط بين الناس، وكلُّ إنسان مأخوذ بأن يعدل، والخصوم مطلوبون بعدل ما في القضاة. فتأمله».
وعلَّق ابنُ جرير (٧/ ٥٨٩) بأنّ الآية على القول الأول نزلت في الحُكّام، كما قال السدي. وعلَّق ابنُ عطية (٣/ ٤٤) على القول الأول بقوله: «فالليُّ على هذا: مطْلُ الكلامِ، وجرُّه؛ حتى يفوت فصل القضاء وإنفاذه، للذي يميل القاضي عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>