للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤمنين مِن الحُزن، وعَلِم فَرَح المشركين من أهل مكة، وفَرَح المنافقين من أهل المدينة، فأنزل الله تعالى بالمدينة بعد ما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحُدَيبية: {إنّا فَتَحْنا لَكَ يوم الحُدَيبية فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ ويُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ويَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقِيمًا ويَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا}، فنَسَخَت هذه الآية قوله: {وما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩]، فأخبر الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بما يفعل به، فنزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا سمع عبد الله بن أُبَيّ رأس المنافقين بنزول هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنّ الله قد غفر له ذنبه، وأنّه يفتح له على عدّوه، ويهديه صراطًا مستقيمًا، وينصره نصرًا عزيزًا، قال لأصحابه: يزعم محمدٌ أنّ الله غفر له ذنبه، وينصره على عدّوه! هيهات هيهات، لقد بقي له من العدّو أكثر وأكثر، فأين فارس والروم وهم أكثر عدوًّا وأشدّ بأسًا وأعزّ عزيزًا؟! ولن يظهر عليهم محمد، أيظنّ محمد أنهم مِثل هذه العصابة التي قد نزل بين أظهرهم وقد غلبهم بكذبه وأباطيله، وقد جعل لنفسه مخرجًا، ولا علم له بما يُفعل به ولا بمن اتّبعه، إنّ هذا لهو الخلاف المبين. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه، فقال: «لقد نزلت عليّ آية لَهِي أحبُّ إلَيَّ مِمّا بين السماء والأرض». فقرأ عليهم: {إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} إلى آخر الآية، فقال أصحابه: هنيئًا مريئًا، يا رسول الله، قد علمنا الآن مالك عند الله، وما يفعل بك، فما لنا عند الله وما يفعل بنا؟ فنزلت سورة الأحزاب [٤٧]: {وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} يعني: عظيمًا، وهي الجنة. وأنزل: {لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأَنْهارُ} [الفتح: ٥] (١). (ز)

[تفسير الآية]

٧١٠٩١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة - قال: إنّ الله فضّل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء?، وعلى أهل السماء. فقالوا: يا عبد الله بن عباس، بِمَ فضّله على أهل السماء؟ قال: إنّ الله قال لأهل السماء: {ومَن يَقُلْ مِنهُمْ إنِّي إلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} [الأنبياء: ٢٩]، وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ}. قالوا: فما فضله على الأنبياء?؟ قال: قال الله - عز وجل -: {وما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤]، وقال الله - عز وجل - لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {وما أرْسَلْناكَ إلّا كافَّةً


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٦٥ - ٦٦، وفي تفسير الثعلبي ٩/ ٤٢ نحوه مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>