قال ابنُ جرير (٣/ ٥٤٧): «والصواب من القول في ذلك عندي أن يُقال: إنّ الله -جل ثناؤه- أخبر عن قومٍ من أهل الإيمان به وبرسوله مِمَّن حج بيته، يسألون ربهم الحسنةَ في الدنيا، والحسنةَ في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار. وقد تجمع الحسنة من الله - عز وجل - العافيةَ في الجسم، والمعاش، والرزق، وغير ذلك، والعلم، والعبادة. وأما في الآخرة فلا شك أنها الجنة؛ لأنّ مَن لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات، وفارق جميع معاني العافية. وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالآية؛ لأنّ الله - صلى الله عليه وسلم -لم يُخَصِّص بقوله مُخْبِرًا عن قائل ذلك من معاني الحسنة شيئًا، ولا نَصَبَ على خصوصه دلالة دالَّةً على أنّ المراد من ذلك بعضٌ دون بعض، فالواجب من القول فيه ما قُلْنا من أنّه لا يجوز أن يُخَصَّ من معاني ذلك شيء، وأن يحكم بعمومه على ما عَمَّه الله». وقال ابنُ عطية (١/ ٤٩٢) مُعَلِّقًا على الأقوال الواردة في تفسير الحسنة: «واللفظة تقتضي هذا كله [يعني: جميع ما أورده المفسرون]، وجميع محابّ الدنيا، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع». وعَلَّق ابنُ كثير (١/ ٥٥٨)، فقال: «ولا منافاة بينها؛ فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا». ولا ينافي قول السدي وابن حيان أنّ حسنة الآخرة المغفرة والثواب الإجماع على أنّها الجنة، فقد قال ابنُ كثير (١/ ٥٥٨): «وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة».