للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أثنى عليه أقرانه من الصحابة، فعن أبي الأحوص قال: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد اللَّه، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد اللَّه، فقال أبو مسعود [الأنصاري]: "ما أعلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك بعده أعلم بما أنزل اللَّه من هذا القائم"، فقال أبو موسى: "أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غِبنا، ويُؤذن له إذا حُجبنا" (١)، وجاء نعي ابن مسعود إلى أبي الدرداء، فقال: "ما ترك بعده مثله" (٢).

وقد ترك -رضي اللَّه عنه- آثارًا تفسيرية عديدة، فكان أكثر الصحابة تفسيرًا بعد ابن عباس (٣)، بلغت في الموسوعة (٧٦١) أثرًا، تدل على سعة علمه بكتاب اللَّه.

* أسباب عدم بلوغ آثار تفسير ابن مسعود طبقة المكثرين:

عند النظر في مقدار ما أحصيناه في الموسوعة من تفسير ابن مسعود نجد أنه نزر قليل لا يبلغ المكانة التي تُعرف لابن مسعود في علم القرآن، ولعلنا نستشف أبرز أسباب ذلك فيما يلي:

١ - تقدم وفاته، فقد توفي عام ٣٢ هـ، بينما توفي ابن عباس عام ٦٨ هـ، قال ابن تيمية: "وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح، وعمّر بعده ابن عباس ستًّا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟ " (٤).

٢ - عدم بث كل ما عنده من تفسير نظرًا لوجوده بين تلاميذ عرب أقحاح لا يحتاجون إلى السؤال عن كثير من الآيات كحال الصحابة (٥).

٣ - اشتغاله بالإقراء والفقه والإفتاء أكثر من التفسير، لذا تجد مرويات تلاميذه وتلاميذهم عنه في الفقه أكثر منها في التفسير (٦).


(١) أخرجه مسلم (٢٤٦١) (١١٣).
(٢) تاريخ الإسلام ٢/ ٢٠٩.
(٣) ينظر: الإتقان ٤/ ٢٣٤، وقد بلغت آثاره في تفسير ابن جرير (٩٨٦) رواية بحسب إحصاء د. محمد عبد اللَّه الخضيري، ينظر. التفسير بالأثر بين ابن جرير وابن أبي حاتم ص ٩٦.
(٤) مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص ٤١.
(٥) يلاحظ أن أغلب تلاميذه -وكذلك طبقتهم- من التابعين المخضرمين الذين هم أقران كثير من الصحابة، لكن فاتهم رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بخلاف تلاميذ ابن عباس فأغلبهم من الموالي غير العرب.
(٦) أما في الإقراء فمعلوم مكانة ابن مسعود فيها حتى إن كثيرًا من أسانيد القُرّاء تعود إليه، بل تجد كثيرًا من آثاره في كتب التفسير إنما هي في حكاية قراءاته. =

<<  <  ج: ص:  >  >>