وقد رجّح ابنُ جرير (١١/ ٦٥٨) القول الثاني، وانتقد قول مَن جعلها في أبي لبابة وحده، مستندًا إلى ظاهر الآية، وإجماع أهل التأويل، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب في ذلك قولُ مَن قال: نزلت هذه الآيةُ في المُعْتَرِفِين بخطأ فعلهم في تخلُّفهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتركهم الجهاد معه والخروج لغزو الروم حين شخص إلى تبوك، وأنّ الذين نزل ذلك فيهم جماعة أحدهم أبو لبابة، وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك؛ لأنّ الله -جلَّ ثناؤه- قال: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم}، فأخبر عن اعترافِ جماعةٍ بذنوبهم، ولم يكن المعترف بذنبه الموثق نفسه بالسارية في حصار قريظة غير أبي لبابة وحده. فإذ كان ذلك كذلك، وكان الله -تبارك وتعالى- قد وصَف في قوله: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم} بالاعتراف بذنوبهم جماعة؛ عُلِم أنّ الجماعة الذين وصفهم بذلك السبب غير الواحد، فقد تَبَيَّن بذلك أنّ هذه الصفة إذا لم تكن إلا لجماعة، وكان لا جماعة فعلت ذلك فيما نقله أهل السير والأخبار، وأجمع عليه أهل التأويل إلا جماعة من المتخلفين عن غزوة تبوك؛ صَحَّ ما قلنا في ذلك، وقلنا: كان منهم أبو لبابة لإجماع الحجة مِن أهل التأويل على ذلك».