للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسعود]: (وسَلِ الَّذِينَ أرْسَلْنَآ إلَيْهِمْ قَبْلَكَ رُسُلَنا) (١). (ز)

[تفسير الآية]

٦٩٥٥٨ - عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني مَلَك، فقال: يا محمد، {وسْئَلْ مَن أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنا} على ما بُعثوا؟ قال: قلتُ: على ما بُعِثوا؟ قال: على ولايتك، وولاية علي بن أبي طالب» (٢) [٥٨٧٢]. (ز)


[٥٨٧٢] انتقد ابنُ تيمية في منهاج السنة النبوية (٧/ ١٦٨ - ١٧٠) هذا الأثر مستندًا إلى الإجماع، وظاهر الآية، وأحوال النزول، والأدلة العقلية، والتاريخية، فقال -بتصرف-: "والجواب من وجوه: ... الوجه الثاني: أن مثل هذا مما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع. الوجه الثالث: أن هذا مما يعلم من له علم ودين أنه من الكذب الباطل الذي لا يصدق به مَن له عقل ودين، وإنما يختلق مثل هذا أهل الوقاحة والجراءة في الكذب، فإن الرسل -صلوات الله عليهم- كيف يسألون عمّا لا يدخل في أصل الإيمان؟ وقد أجمع المسلمون على أنّ الرجل لو آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأطاعه، ومات في حياته قبل أن يعلم أنّ الله خلق أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا لم يضره ذلك شيئًا، ولم يمنعه ذلك مِن دخول الجنة. فإذا كان هذا في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فكيف يُقال: إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بواحد من الصحابة؟! والله تعالى قد أخذ الميثاق عليهم لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه. هكذا قال ابن عباس وغيره، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول} إلى قوله تعالى: {أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} [آل عمران: ٨١] فأما الإيمان بتفصيل ما بعث به محمد فلم يؤخذ عليهم، فكيف يُؤخَذ عليهم موالاة واحد من الصحابة دون غيره من المؤمنين؟!.الرابع: أن لفظ الآية: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} ليس في هذا سؤال لهم بماذا بعثوا. الخامس: أن قول القائل: إنهم بعثوا بهذه الثلاثة. إن أراد أنهم لم يبعثوا إلا بها فهذا كذب على الرسل، وإن أراد أنها أصول ما بعثوا به فهذا أيضًا كذِب، فإن أصول الدين التي بعثوا بها: من الإيمان بالله واليوم الآخر، وأصول الشرائع، أهم عندهم من ذكر الإيمان بواحدٍ مِن أصحاب نبي غيرهم، بل ومن الإقرار بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن الإقرار بمحمد يجب عليهم مجملًا، كما يجب علينا نحن الإقرار بنبواتهم مجملًا، لكن مَن أدركه منهم وجب عليه الإيمان بشرعه على التفصيل كما يجب علينا. وأما الإيمان بشرائع الأنبياء على التفصيل فهو واجب على أممهم، فكيف يتركون ذكر ما هو واجب على أممهم ويذكرون ما ليس هو الأوجب؟!.الوجه السادس: أن ليلة الإسراء كانت بمكة قبل الهجرة بمدة؛ قيل: إنها سنة ونصف. وقيل: إنها خمس سنين. وقيل غير ذلك. وكان عليٌّ صغيرًا ليلة المعراج، لم يحصل له هجرة ولا جهاد ولا أمر يوجب أن يذكره به الأنبياء. والأنبياء لم يكن يُذكر عليٌّ في كتبهم أصلًا، وهذه كتب الأنبياء الموجودة التي أخرج الناس ما فيها من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس في شيء منها ذكر عليٍّ، بل ذكروا أن في التابوت الذي كان فيه عند المقوقس صور الأنبياء صورةَ أبي بكر وعمر مع صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه بها يقيم الله أمره. وهؤلاء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يذكر أحد منهم أنه ذُكر عليٌّ عندهم، فكيف يجوز أن يقال: إن كلًّا مِن الأنبياء بُعِثوا بالإقرار بولاية علي، ولم يذكروا ذلك لأممهم، ولا نقله أحد منهم؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>