روايات بعضهم في أحوال وردها في أحوال أخرى من أعظم أسبابه تفاوت مضمون الخبر ذاته.
* المحدد الثاني: معرفة قائل الخبر:
من ضمن المحدّدات التي يتجه إليها نظر الناقد لتكوين دائرة غلبة الظن عنده بقبول الخبر أو ردّه = النظر لقائل الخبر نفسه؛ إذ الأخبار الشرعية عامة لا يخلو قائلها من أحد وجهين: إما أن يكون معصومًا من الخطأ، وإما أن يكون غير معصوم؛ فينظر النقاد إلى قائل الخبر من حيث عصمته من الخطأ أو عدم عصمته، ومن حيث كون الكلام الصادر عنه تشريعًا أو لا، وكذا من حيث طبقته مع مضمون روايته للحكم بكون خبره له حكم الرفع أو لا؛ وإنما قصدت تعديد بعض أحوال القائل تنبيهًا على كون تلك الأحوال وما شابهها من ضمن المؤثرات في حكم الناقد على الخبر، سواء من حيث قبوله وردِّه أو من حيث ارتفاع منزلة الخبر من موقوف إلى مرفوع. . . إلخ؛ إذ تختلف بناء على اختلاف القائل أحوالُ تعامل الناقد مع الرواية تشددًا وتساهلًا قبولًا وردًّا، ولما كانت أجلّ الأقوال منزلة وأرفعها درجة وأعظمها مكانة أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حظيت من الاحتياط في قبولها، والتشديد في رواتها، والتدقيق في شروطها بما لم يحظ به غيرها؛ لكون الخبر الصادر عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مقام التشريع وحيًا معصومًا من الخطأ، وهذا التشدد والاحتياط إنما كان حتى قبل ظهور الإسناد واعتماده؛ فقد كان الصحابة يحتاطون في رواية حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويشددون في ذلك جدًّا، ويصور ابن قتيبة شيئًا من ذلك بقوله:". . . وكان عمر أيضا شديدًا على من أكثر الرواية، أو أتى بخبر في الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلوا الرواية، يريد بذلك: أن لا يتسع الناس فيها، ويدخلها الشوب؛ ويقع التدليس والكذب من المنافق والفاجر والأعرابي. وكان كثير من جلّة الصحابة، وأهل الخاصة برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كأبي بكر، والزبير، وأبي عبيدة، والعباس بن عبد المطلب، يقلون الرواية عنه؛ بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئًا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل"(١).
وهذا التشدد والاحتياط التام ورثه نقاد الحديث، فأسسوا عليه طريقة تعاملهم مع