ورجَّح ابنُ جرير (١٧/ ٢٤ - ٢٥) مستندًا إلى الدلالات العقلية القولَ الأول الذي قاله علي بن أبي طالب، وابن عباس من طريق عطاء، وعكرمة، والشعبي، ومجاهد، وأبو العالية، والضحاك، وابن زيد، والحسن، والكلبي، ومقاتل، فقال: «وذلك أنه بِنَفْخِ الروحِ فيه يتحول خلقًا آخر إنسانًا، وكان قبل ذلك بالأحوال التي وصفه الله أنه كان بها؛ من نطفة وعلقة ومضغة وعظم، وبنفخ الروح فيه؛ يتحول عن تلك المعاني كلها إلى معنى الإنسانية، كما تَحول أبوه آدم بنفخ الروح في الطينة التي خلق منها إنسانًا وخلقًا آخر غير الطين الذي خُلِق منه». ولم ير ابنُ كثير (١٠/ ١١٤) منافاة بين هذا القول والقول الثاني الذي قاله ابن عباس من طريق العوفي، وقتادة، والضحاك، فقال: «ولا منافاة؛ فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه شرع في هذه التنقلات والأحوال». وساق ابنُ عطية (٦/ ٢٨٣) الأقوال، ثم انتقد ما فيها من تخصيص، مستندًا إلى دلالة العموم، فقال: «وهذا التخصيص كله لا وجه له، وإنما هو عامٌّ في هذا وغيرِه مِن وجوه النطق والإدراك وحسن المحاولة؛ هو بها آخَرَ، وأول رتبة من كونه آخَرَ هي نفخ الروح فيه، والطرف الآخر من كونه آخَرَ تحصيله المعقولات».