ورجَّح ابنُ جرير (٥/ ٦٩٤ - ٦٩٥) مستندًا إلى نظيره من السنة القول الثاني، وهو قول ابن عباس، وقتادة من طريق سعيد، والربيع، ثم استدل قائلًا: «ونظير ذلك الخبرُ الذي رواه النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «مَثَلُ القائم على حدود الله والواقع فيها كمَثَلِ قوم ركبوا سفينةً». ثم ضرب لهم مثلًا، فالقائم على حدود الله هو الثابت على التمسك بما أمر الله به واجتناب ما نهاه الله عنه». ووجَّه الأقوال الأخرى بأنها متقاربة المعنى، «وذلك أنّ معنى قوله: {قائِمَةٌ}: مستقيمة على الهدى وكتاب الله وفرائضه وشرائع دينه، بالعدل والطاعة، وغير ذلك مِن أسباب الخير مِن صفة أهل الاستقامة على كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ووجَّه ابن عطية (٢/ ٣٢٤) الأقوال الثلاثة بقوله: «وهذا كلُّه يرجع إلى معنًى واحد من الاعتدال على أمر الله». ثُمَّ ذكر احتمالَيْن في معنى الآية بناءً على هذا التوجيه، فقال: «وهذه الآيةُ تحتملُ هذا المعنى، وألّا تنظرَ اللفظةَ إلى هيئة الأشخاص وقت تلاوة آيات الله، ويحتمل أنْ يُراد بـ {قائِمَةٌ} وصف حال التالين في آناءَ اللَّيْلِ، ومَن كانت هذه حالُه فلا محالة أنّه مُعْتَدِلٌ على أمْر الله. وهذه الآية في هذين الاحتمالين مثل ما تقدم في قوله: {إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا} [آل عمران: ٧٥]».