وعلَّقَ ابنُ القيم (٢/ ٣٨ بتصرف) على القولين الأول والثاني بقوله: «التحقيق: أنّ كُلًّا منهما فيه الوصفان الفضل والرحمة، وهما الأمران اللذان امْتَنَّ الله بهما على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} [الشورى: ٥٢]، والله? إنّما رفع مَن رفع بالكتاب والإيمان، ووَضَع مَن وضَع بعدمها، ففضله: الإسلام والإيمان، ورحمته: العلم والقرآن، وهو يُحِبُّ مِن عبده أن يفرح بذلك ويُسَرُّ به، بل يُحِبُّ مِن عبده أن يفرح بالحسنة إذا عملها وأن يُسَرَّ بها، وهو في الحقيقة فَرَحٌ بفضل الله حيث وفَّقه الله لها، وأعانه عليها، ويسَّرها له، ففي الحقيقة إنما يفرح العبد بفضل الله وبرحمته». وذَهَبَ ابنُ جرير (١٢/ ١٩٤) إلى القول الأول مستندًا إلى أقوال السلف. وذَهَبَ ابنُ عطية (٤/ ٤٩٣ - ٤٩٤) إلى الجمعِ مستندًا لعدمِ المُخصّص، فقال: «لا وجه عندي لشيء من هذا التخصيص، إلا أن يستند منه شيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما الذي يقتضيه اللفظ ويلزم منه أنّ الفضل هو هداية الله تعالى إلى دينه والتوفيق إلى اتباع شريعته، والرحمة هي عفوه وسكنى جنته التي جعلها جزاء على التَّشرُّع بالإسلام والإيمان به. ومعنى الآية: قل -يا محمد- لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته فليقع الفرح منكم، لا بأمور الدنيا وما جمع من حطامها. فالمؤمنون يُقال لهم: فلتفرحوا وهم مُتَلَبِّسون بعِلَّة الفرح وسببه، ومُحَصِّلون لفضل الله، مُنتَظِرون الرحمة. والكافرون يقال لهم: بفضل الله وبرحمته فلتفرحوا، على معنى: أن لو اتفق لكم، أو لو سُعِدتُم بالهداية إلى تحصيل ذلك».