فإنّهن نَزَلْنَ بالمدينة: فالأولى قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إلَيْكَ}[١٢]، وقوله تعالى:{أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}[١٧] نزلت في ابن سلام وأصحابه، وقوله:{إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}[١١٤] نزلت في رهبان النصارى. والله أعلم (١)[٣١٨٨]. (ز)
٣٥١٩٢ - قال مقاتل بن سليمان:{فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إلَيْكَ}، وذلك أنّ كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في يونس [١٥]: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا}، ليس فيه ترك عبادة آلهتنا، ولا عيبها، {أو بدِّله} أنت مِن تلقاء نفسك. فهَمَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يسمعهم عيبها رجاء أن يتبعوه؛ فأنزل الله تعالى:{فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك}(٢). (ز)
٣٥١٩٣ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- قال: قال الله لنبيِّه: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} أن تفعل فيه ما أُمِرْتَ، وتدعو إليه كما أُرْسِلت، قالوا:{لولا أنزل عليه كنز} لا نرى معه مالًا، أين المال؟ {أو جاء معه ملك} يُنذِر معه. {إنما أنت نذير} فبَلِّغ ما أُمِرْتَ (٣). (ز)
٣٥١٩٤ - قال مقاتل بن سليمان:{فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إلَيْكَ} ... يعني: ترك ما أنزل إليك من أمر الآلهة، {وضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} في البلاغ، أراد أن يحرضه على البلاغ؛ {أنْ يَقُولُوا لَوْلا} يعني: هلّا {أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} يعني: المال مِن السماء، فيقسمه بيننا، {أوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} يعينه ويُصَدِّقه بقوله إن كان محمد صادقًا في أنّه رسول. ثم رجع إلى أول هذه الآية، فقال: بلِّغ، يا محمد، {إنَّما أنْتَ
[٣١٨٨] نقل ابنُ عطية (٤/ ٥٣٦) قول مقاتل في مدنية الآيات الثلاث المذكورة في الأثر، ثم علَّق بقوله: «على أن الأولى تشبه المكي».