١١٠٩٣ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المسكين الذي تردُّه التَّمرة والتَّمرتان، واللقْمَة واللقْمَتان، إنما المسكين الذي يَتَعفَّفُ، واقرأوا إن شئتم:{لا يسألون الناس إلحافا}»(١). (٣/ ٣٣٧)
١١٠٩٤ - عن يزيد بن قاسط السَّكْسَكيِّ، قال: كنت عند عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل يسأَلُه، فدعا غلامَه، فسارَّهُ، وقال للرجل: اذهب معه. ثم قال لي: أتقولُ: هذا فقير؟ فقلت: واللهِ، ما سأل إلا مِن فقر. قال: ليس بفقيرٍ مَن جمع الدرهم إلى الدرهم، والتمرة إلى التمرة، ولكن مَن أنقى نفسَه وثيابَه لا يَقْدِرُ على شيء:{يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا}، فذلك الفقير (٢). (٣/ ٣٣٧)
١١٠٩٥ - عن سلمة بن الأَكْوَع: أنّه كان لا يسألُه أحدٌ بوجه الله شيئًا إلا أعطاه، وكان يَكْرَهُها، ويقول: هي مسألةُ الإلحاف (٣). (٣/ ٣٣٩)
١١٠٩٦ - قال عطاء: إذا كان عندهم غداءٌ لا يسألون عَشاءً، وإذا كان عندهم عَشاءٌ لا يسألون غداء (٤). (ز)
١١٠٩٧ - عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- {لا يسألون الناس إلحافا}، قال: لا يُلْحِفُون في المسألة (٥)[١٠٥٥]. (ز)
[١٠٥٥] بيَّن ابنُ عطية (٢/ ٩٠ - ٩١) أنّ النفي في قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} يحتمل معنيين: نفي السؤال، أو نفي الإلحاف فيه. ثمَّ وجَّه كِلا المعنيين بقوله: «أما الأولى -يعني: نفي السؤال- فعلى أن يكون التعفف صفة ثابتة لهم، ويحسبهم الجاهل بفقرهم لسبب تعففهم أغنياء من المال، وتكون {من} لابتداء الغاية، ويكون قوله: {لا يسألون الناس إلحافا} لم يُرِد به أنهم يسألون غير إلحاف، بل المراد به التنبيه على سوء حالة مَن يسأل إلحافًا من الناس، كما تقول هذا رجل خَيِّرٌ لا يقتل المسلمين. فقولك:» خَيِّر «قد تضمن أنه لا يقتل، ولا يعصي بأقل من ذلك، ثم نَبَّهْت بقولك:» لا يقتل المسلمين «على قبح فعل غيره ممن يقتل، وكثيرًا ما يُقال مثل هذا إذا كان المنبَّه عليه موجودًا في القضية، مُشارًا إليه في نفس المتكلم والسامع. وسؤال الإلحاف لم تَخْلُ منه مدة، وهو مما يُكْرَه؛ فلذلك نَبَّه عليه. وأما المعنى الثاني فعلى أن يكون التعفف داخلًا في المحسبة، أي: إنهم لا يظهر لهم سؤال، بل هو قليل. وبإجمالٍ فالجاهل به مع علمه بفقرهم يحسبهم أغنياء عِفَّةً؛ فـ {من} لبيان الجنس على هذا التأويل، ثم نفى عنهم سؤال الإلحاف، وبقي غيرُ الإلحاف مقررًا لهم حسبما يقتضيه دليل الخطاب، وهذا المعنى في نفي الإلحاف فقط هو الذي تقتضيه ألفاظ السدي».