للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُسِّس على التقوى: مسجد قباء (١) [٣٠٥٠]. (ز)

{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}

[نزول الآية، وتفسيرها]

٣٣٥٧٤ - عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا}». قال: «كانوا يستنجون بالماء؛ فنزلت فيهم


[٣٠٥٠] اختَلَف السلفُ في المسجد الذي عناه الله بقوله: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} على قولين: الأول: أنّه مسجد قباء. الثاني: أنّه مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد رَجَّح ابنُ جرير (١١/ ٦٨٥) مستندًا إلى السُّنَّة القول الثاني، فقال: «وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: هو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لِصِحَّة الخبر بذلك عن رسول الله». واستدلَّ على ذلك بالأخبار المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، المتقدمة في تفسير الآية.
وبنحوه قال ابنُ عطية (٤/ ٤٠٧)، فقد ذكر القولين، ثم قال: «ويليق القول الأول بالقصة، إلا أنّ القول الثاني روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نَظَرَ مع الحديث».
ورجّح ابنُ تيمية (٣/ ٤٤٨ - ٤٤٩ بتصرف) مستندًا لدلالة العقل، وسبب النُّزول أنّ هذا الوصف مِن حيث النزول يُراد به مسجد قباء، غير أنّ مسجد النبي أحقُّ بهذا الوصف مِن جهة الحكم، فقال: «قوله: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} نزلت بسبب مسجد قباء، لكن الحكم يتناوله ويتناول ما هو أحقُّ منه بذلك، وهو مسجد المدينة. وهذا يوجه ما ثَبَت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه سُئِل عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «هو مسجدي هذا». وكلاهما مُؤَسَّس على التقوى، لكن مسجد المدينة أكمل في هذا النعت، فهو أحقُّ بهذا الاسم، ومسجد قباء كان سبب نزول الآية؛ لأنّه مُجاوِرٌ لِمسجد الضِّرار الذي نُهِي عن القيام فيه».
وبنحوه قال ابنُ كثير (٤/ ٢١٢ - ٢١٤ بتصرف)، ثم ذكر أنّه لا منافاة بين القولين، فقال: «وقد صرَّح بأنّه مسجد قباء جماعة من السلف، وقد ورد في الحديث الصحيح: أنّ مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى. وهذا صحيح، ولا منافاة بين الآية وبين هذا؛ لأنّه إذا كان مسجد قباء قد أُسِّس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى والأَحْرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>