للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦ - لغة العرب]

وهي: ما تعبِّر به العرب عن مقاصدها؛ من ألفاظها، وأساليب معانيها التي تورد بها.

والأدلة على صحة الاحتجاج بلغة العرب على معاني كلام اللَّه تعالى كثيرة متوافرة، فقد وصف اللَّه تعالى كتابه بأنه عربي؛ فقال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: ٢]، وبين أنه بلسان العرب نازل؛ فقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥]، ونفى عنه كل لسان غير لسان العرب فقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣]، قال الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ): "والقرآن يدل على أن ليس من كتاب اللَّه شيء إلا بلسان العرب" (١). فلما كان ذلك كذلك كانت لغة العرب أولى ما يستدل بها على معاني القرآن الكريم؛ لنزوله مطابقًا لألفاظها وأساليبها وعادتها في كلامها، قال ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ): "الواجب أن تكون معاني كتاب اللَّه المنزل على نبيِّنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، لمعاني كلام العرب موافقةً، وظاهره لظاهر كلامها ملائمًا. .، فإذ كان ذلك كذلك، فبيَّن إذ كان موجودًا في كلام العرب الإيجاز والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار، والترداد والتكرار. .، أن يكون ما في كتاب اللَّه المنزل على نبيِّه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك في كل ذلك له نظيرًا، وله مثلًا وشبيهًا" (٢)، ومن هذا الوجه كان توجيه الصحابة الناس إلى اعتماد كلام العرب في فهم القرآن؛ فقال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: "أيها الناس: عليكم بديوانكم شعر الجاهلية؛ فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم" (٣)، وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر؛ فإنه ديوان العرب" (٤).

كما اتفق عمل المفسرين من السلف فمن بعدهم على صحة الاستدلال بلغة


(١) الرسالة ص ٤٢.
(٢) جامع البيان ١/ ١٢. وقارن بما في الرسالة ص ٥٢.
(٣) الكشف والبيان ٦/ ١٩، والجامع لأحكام القرآن ١٢/ ٣٣٢.
(٤) عزاه السيوطي في الدر ٨/ ٢٣٧ لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وغيرهم. وينظر: الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>