ورجَّح ابنُ جرير (٥/ ٥٤٢ - ٥٤٣) القول الثالث الذي قال به علي بن أبي طالب وابن عباس، مستندًا إلى دلالة عقلية، وهي: أنّ الأنبياء لا يكذب بعضهم بعضًا، ويلزم الأتباع الإقرار بنبوة من ثبتت نبوته، فهو ميثاق يقر به الجميع، فقال: «لأنّ الأنبياء? بذلك أرسلت إلى أممها، ولم يَدَّعِ أحد ممن صدَّق المرسلين أنّ نبيًّا أرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله - عز وجل -، وحججه في عباده، بل كلها -وإن كذب بعض الأمم بعض أنبياء الله بجحودها نبوته- مُقِرٌّ بأن من ثبتت صحة نبوته فعليها الدينونة بتصديقه، فذلك ميثاق مُقِرٌّ به جميعهم». وذكر ابن جرير (٥/ ٥٤١) أنه اكتفي -على هذا القول- بذكر الأنبياء عن ذكر أممها؛ لأن في ذكر أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على التباع؛ لأن الأمم تباع أنبيائها. وقال ابنُ تيمية (٢/ ٨٩): «وحقيقة الأمر: أن الميثاق إذا أخذ على الأنبياء دخل فيه غيرهم؛ لكونه تابعًا لهم، ولأنه إذا وجب على الأنبياء الإيمان به ونصره فوجوب ذلك على من اتبعهم أولى وأحرى؛ ولهذا ذكر عن الأنبياء فقط». وذكر ابن عطية (٢/ ٢٧٠) أن أخذ هذا الميثاق يحتمل احتمالين: الأول: حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسمًا. الثاني: أن يكون هذا الأخْذ على كل نبي في زمنه ووقت بعثه.