للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بتوحيد ربهم -يعني: مشركي العرب-: إنّ محمدًا وأصحابه ليسوا على شيء من الدين. يقول الله: {مثل قولهم} يعني: مثل ما قالت اليهود والنصارى بعضهم لبعض، فذلك قوله سبحانه في المائدة: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: ١٤] (١) [٤٤٩]. (ز)

{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)}

٣٤٢٧ - قال مقاتل بن سليمان: يقول: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة} يعني: بين مشركي العرب وبين أهل الكتاب {فيما كانوا فيه} من الدين {يختلفون} (٢). (ز)


[٤٤٩] رجَّحَ ابن جرير (٢/ ٤٣٩ - ٤٤٠ بتصرف) العمومَ في معنى الآية وشمولها لكل الأقوال المذكورة؛ لعدم الدليل على التّعيين، فقال: «والصواب عندنا أن يقال: إنّ الله أخبر عن قوم أنهم قالوا بجهلهم نظير ما قال اليهود والنصارى بعضها لبعض مما أخبر الله عنهم أنهم قالوه في قوله: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء}، وجائز أن يكونوا هم المشركين من العرب، وجائز أن يكونوا أمة كانت قبل اليهود والنصارى، ولا أمة أوْلى أن يُقال: هي التي عُنِيَت بذلك من أخرى؛ إذ لم يكن في الآية دلالة على أيٍّ من أيٍّ، ولا خبر بذلك عن رسول الله ثبتت حجته من جهة نقل الواحد العدل، ولا من جهة النقل المستفيض. وإنما قصد الله بقوله: {كَذَلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} إعلامَ المؤمنين أن اليهود والنصارى قد أتوا من قيل الباطل، وافتراء الكذب على الله، وجحود نبوة الأنبياء والرسل، وهم أهل كتاب يعلمون أنهم فيما يقولون مبطلون، وبجحودهم ما يجحدون من ملتهم خارجون، وعلى الله مفترون؛ مثلَ الذي قاله أهل الجهل بالله وكتبه ورسله الذين لم يَبْعَث الله لهم رسولًا، ولا أوحى إليهم كتابًا».
وذهبَ إلى مثلِه ابن كثير (٢/ ٢٤)، وقال: «اختار أبو جعفر ابن جرير أنها عامة تصلح للجميع، وليس ثَمَّ دليل قاطع يُعَيِّن واحدًا من هذه الأقوال، فالحمل على الجميع أوْلى».
وزاد ابن عطية (١/ ٣٢٥) إضافة إلى ما ورد في أقوال السلف قولًا آخر، فقال: «وقال قوم: المراد اليهود، وكأنه أعيد قولهم». وانتَقَدَه بقوله: «وهذا ضعيف».

<<  <  ج: ص:  >  >>