للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٥٨٨ - قال مقاتل بن سليمان: ثم عظَّم نفسه لكي يُوَحَّد، فقال: {وله ما سكن} يعني: ما استقر في الليل والنهار من الدواب والطير في البر والبحر، فمنها ما يستقرُّ بالنهار وينتشر ليلًا، ومنها ما يستقرُّ بالليل وينتشر نهارًا، ثم قال: {وهو السميع} لما سألوا من العذاب، {العليم} به (١) [٢٢٣٣]. (ز)

{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)}

[نزول الآية]

٢٤٥٨٩ - قال مقاتل بن سليمان: {قل أغير الله} وذلك أنّ كفار قريش قالوا: يا محمد، ما يحملك على ما أتيتنا به، ألا تنظر إلى مِلَّة أبيك عبد الله، ومِلَّة جدك عبد المطلب، وإلى سادات قومك يعبدون اللات والعُزّى ومناة! فتأخذ به، وتدع ما أنت عليه، وما يحملك على ذلك إلّا الحاجة، فنحن نجمع لك من أموالنا. وأمروه بترك عبادة الله؛ فأنزل الله: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض}. فعظَّم نفسَه ليعرف توحيده بصنعه (٢) [٢٢٣٤]. (ز)


[٢٢٣٣] ذكر ابنُ عطية (٣/ ٣٣٢) أن قوله: {سكن} هو من السكنى ونحوه، أي: ما ثبت وتقرر، ثم قال: «وقالت فرقة: هو من السكون، وقال بعضهم: لأن الساكن من الأشياء أكثر من المتحرك إلى غير هذا من القول الذي هو تخليط، والمقصد في الآية عموم كل شيء، وذلك لا يترتب إلا أن يكون {سكن} بمعنى: استقرَّ وثبت، وإلا فالمتحرك من الأشياء المخلوقات أكثر من السواكن، ألا ترى إلى الفَلَك والشمس والقمر والنجوم السابحة والملائكة وأنواع الحيوان والليل والنهار حاصران للزمان».
[٢٢٣٤] على هذا القول فالنبي أُمِرَ أن يقول هذه المقالة للكفرة الذين دعوه إلى عبادة أوثانهم، فتجيء الآية على هذا جوابًا لكلامهم. وهو ما انتَقَده ابنُ عطية (٣/ ٣٢٣ - ٣٢٤) مستندًا لمخالفته لظاهر الآية، فقال: «وهذا التأويل يحتاج إلى سند في أنّ هذا نزل جوابًا، وإلا فظاهر الآية لا يتضمنه». ورجَّح أنها لم تنزل جوابًا من جهة أنّه الأفصح، فقال: «والفصيح هو أنّه لَمّا قرر معهم أنّ الله تعالى: {له ما فِي السَّماواتِ والأَرْضِ}، {ولَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ والنَّهارِ}، وأنّه سميع عليم؛ أمر أن يقول لهم على جهة التوبيخ والتوقيف: أغير هذا الذي هذه صفاته أتَّخِذُ ولِيًّا؟! بمعنى: أنّ هذا خطأ لو فعلته بَيِّن، وتعطي قوة الكلام أنّ مَن فعله مِن سائر الناس بَيِّن الخطأ».

<<  <  ج: ص:  >  >>