للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يخطب وهو يقول: "سلوني فواللَّه لا تسألوني عن شيء إِلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب اللَّه فواللَّه ما من آية إِلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل" (١)، وعن ابن مسعود قال: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إِلا له ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن" (٢).

وقد تفرغ -رضي اللَّه عنه- للقضاء والفتيا والإقراء والتعليم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان -رضي اللَّه عنهم-، وكذلك التفسير، فكان أكثر الخلفاء الراشدين تفسيرًا، وقرأ عليه كثير من الصحابة والتابعين، كما أخذ عنه التفسيرَ الكثيرُ منهم، يأتي على رأسهم حبر الأمة وترجمان القرآن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فقد جاء عنه أنه قال: "ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي" (٣)، قال ابن عطية: "فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب ويتلوه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-" (٤).

ومع ما ذكر من مكانة عظيمة لعلي -رضي اللَّه عنه- في علم القرآن إِلا أنه لم يرد عنه في دواوين تفاسير أهل السُّنَة إِلا القليل من آثار التفسير، بلغت في هذه الموسوعة (٤٤٨) أثرًا، ولعل أبرز أسباب ذلك فيما يلي:

١ - انشغاله بالفقه والفتيا والقضاء والإقراء أكثر منه في التفسير.

٢ - انشغاله بعد توليه الخلافة بأعبائها والفتن التي صاحبتها.

٣ - وجوده قبل الخلافة في المدينة، وهو وسط علمي متين لا يحتاج كثير منهم إلى السؤال مقارنة بالأمصار المفتوحة كالبصرة والكوفة، التي يحتاج أهلها إلى التعلم خصوصًا أن أكثرهم من غير العرب.

٤ - تقدم وفاته نسبيًّا مقارنة بابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

٥ - ما ذكره د. محمد حسين الذهبي حين قال: "كثرت الرواية في التفسير عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، كثرة جاوزت الحد، الأمر الذى لفت أنظار العلماء النُقَّاد، وجعلهم يتتبعون الرواية عنه بالبحث والتحقيق، ليميزوا ما صح من غيره، وما صح عن علي في التفسير قليل بالنسبة لما وُضِع عليه، ويرجع ذلك إلى غُلاة الشيعة، الذين أسرفوا في حبه فاختلقوا عليه ما هو بريء منه، إما ترويجًا لمذهبهم وتدعيمًا له، وإما لظنهم


(١) الإتقان في علوم القرآن ٤/ ٢٣٣، وينظر: تاريخ الإسلام ٢/ ٣٥١.
(٢) حلية الأولياء ١/ ٦٥.
(٣) تفسير ابن عطية ١/ ٤١.
(٤) تفسير ابن عطية ١/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>