للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - تفسير السدي (ت: ١٢٧ هـ). وهي النسخة التي جمعها السدي من تفسير ابن مسعود وناس من الصحابة من طريق مرة الهمداني، وتفسير ابن عباس من طريق أبي صالح وأبي مالك (١)، واستقصاء هذا الباب واسع (٢).

وفي عهد التابعين صدر أمر التدوين المنظم للسُّنَّة من قبل الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت: ١٠١ هـ) وتقرر بصورة رسمية، فاستجاب لذلك عدد من التابعين على رأسهم محمد بن شهاب الزهري (ت: ١٢٤ هـ) فجمع حديث أهل المدينة (٣)، ويظهر أن هذه الكتابة الرسمية لم تكن الأولى، فقد سبق عمر بن عبد العزيز أبوه عبد العزيز بن مروان (ت: ٨٥ هـ) حين أمر كثير بن مرة الحضرمي (ت: ٨٠ هـ) بكتابة ما سمعه من حديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤)، لكن الكتابة التي كانت بأمر عمر بن عبد العزيز أشمل وأشهر، وقد تبين من خلال بعض الروايات أن تلك النسخ المجموعة أُودعت في ديوان الخلفاء بدمشق (٥)، والذي يهمنا أن هذا الأمر لم يكن حكرًا على تدوين أحاديث السُّنَّة فحسب؛ بل يمكننا القول: إن للتفسير نصيبًا من التدوين الرسمي، فقد روى ابن أبي حاتم أن أباه سُئل عن عطاء بن دينار، فقال: "هو صالح الحديث، إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عبد الملك بن مروان كتب يسأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبير بهذا التفسير إليه، فوجده عطاء بن دينار في


(١) ورجح الشيخ أحمد شاكر في تحقيق تفسير ابن جرير ١/ ١٥٦ أنه كتاب تفسير ألَّفه السُّدي وليس مَنْ دونه، جمع التفسير من هذه الطرق الثلاث، واستدل بقول الإمام أحمد بن حنبل عن السُّدي: "إنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به، قد جعل له إسناذا، واستكلفه". وقول الحافظ في التهذيب: "قد أخرج الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما، في تفاسيرهم، تفسير السُّدي، مفرقًا في السور، من طريق أسباط بن نصر عنه". وله تحرير مطول نفيس في ذلك، وقد ذكر ابن النديم هذا التفسير في الفهرست ١/ ٨٨.
(٢) من ذلك أيضًا ما رواه وقاء بن إياس، قال: "رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب ومعه الدواة يغير". الطبقات الكبرى ٦/ ٢٦٦، المعرفة والتاريخ ٣/ ٢١٣، وما جاء أن الحسن البصري أملى التفسير على تلاميذه. جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٣٢٣. وكذلك صحيفة علي بن طلحة المشهورة التي كتب فيها تفسير ابن عباس من طريق مجاهد أو سعيد بن جبير فيما ذُكر. الإتقان ٤/ ٢٣٧.
(٣) ينظر: فتح الباري ١/ ٢٠٤، بحوث في تاريخ السُّنَّة المشرفة ص ٢٩٩.
(٤) ينظر ذلك مفصلًا في: تاريخ تدوين السُّنَّة ص ٥٢ - ٥٤.
(٥) من ذلك ما ورد عن معمر أنه قال: "كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد بن يزيد، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزانته؟ يعني: من علم الزهري". الطبقات الكبرى ٢/ ٣٨٩، المعرفة والتاريخ ١/ ٦٣٨، قال الذهبي معقبا عليه: "يعني: الكتب التي كتبت عنه لآل مروان" تاريخ الإسلام ٥/ ١٤١. وينظر: بحوث في تاريخ السُّنَّة المشرفة ص ٢٩٨، تاريخ تدوين السُّنَّة ص ٥٤ - ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>