للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اضطربت أمواجُه، وأثار ركامه، فأخرج من الماء دخانًا وطينًا وزَبَدًا، فأمر الدُّخان فعلا وسما ونما، فخلق منه السموات، وخلق من الطين الأرضين، وخلق من الزَّبَد الجبال (١). (١/ ٢٣٣)

١٠٩٩ - قال محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة بن الفَضْل-: كان أوَّل ما خلق الله تبارك وتعالى النُّور والظُّلْمَة، ثم ميَّز بينهما، فجعل الظُّلْمَة ليلًا أسود مُظْلِمًا، وجعل النور نهارا مُضِيئًا مُبْصِرًا، ثم سَمَك السموات السبع من دخان، يقال -والله أعلم-: من دخان الماء، حتى استقللن، ولم يُحْبَكْنَ، وقد أغْطَش في السماء الدنيا ليلَها، وأخرج ضُحاها، فجرى فيها الليلُ والنهارُ، وليس فيها شمس ولا قمر ولا نجوم، ثم دَحى الأرض فأرساها بالجبال، وقدَّر فيها الأقوات، وبثَّ فيها ما أراد من الخَلْق، ففَرَغ من الأرض وما قَدَّر فيها من أقواتِها في أربعة أيام، ثم استوى إلى السماء وهي دخان -كما قال- فحَبَكَهُنَّ، وجعل في السماء الدنيا شمسَها وقمرَها ونجومَها، وأوحى في كل سماء أمرها، فأكمل خَلْقَهُنَّ في يومين، ففرغ من خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى في اليوم السابع فوق سماواته، ثم قال للسماوات والأرض: {ائتيا طوعا أو كرها} [فصلت: ١١] لِما أردتُّ بكما، فاطمَئِنّا عليه طوعا أو كرها. {قالتا أتينا طائعين} (٢) [١٣٠]. (ز)


[١٣٠] اختار ابنُ جرير (١/ ٤٦١) أنّ المعنى المراد بالسماء في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء}: معنى الجمع.
وانتَقَد قولَ من قال: إن السماء وإن كانت سماء فوق سماء، فهي في التأويل واحدة. مُسْتَدِلًّا بأثرِ ابن اسحاق، ثُمَّ أعْقَبَه بقوله: «وإنما استشهدنا لقولنا الذي قلنا في ذلك بقول ابن إسحاق؛ لأنه أوضح بيانًا عن خبر السموات أنهن كُنَّ سبعًا من دخان قبل استواء ربنا إليها بتسويتها من غيره، وأحسنُ شرحًا لما أردنا الاستدلال به من أنّ معنى السماء التي قال الله فيها: {ثم استوى إلى السماء} بمعنى الجمع على ما وصفنا، وأنه إنما قال -جَلَّ ثناؤه-: {فسواهن} إذ كانت السماء بمعنى الجمع على ما بَيَّنّا».

<<  <  ج: ص:  >  >>