للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسول الله، إنّا كُنّا نعطيهم في الجاهلية الدِّيَةَ، فنحن نعطيهم اليوم الدِّيَة. فقالت قُرَيْظَة: لا، ولكِنّا إخوانُكم في النَّسَب والدِّين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية، فقد جاء الإسلام. فأنزل الله تعالى يُعَيِّرهم بما فعلوا، فقال: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [المائدة: ٤٥] يُعَيِّرهم. ثم ذكر قول النَّضِيرِيِّ: كُنّا نعطيهم في الجاهلية سِتِّين وسقًا، ونقتل منهم ولا يقتلوننا. فقال: {أفحكم الجاهلية يبغون} [المائدة: ٥٠]. فأخَذَ النضيريَّ فقتله بصاحبه، فتفاخرت النَّضِير وقُرَيْظَة، فقالت النَّضِير: نحن أكرم منكم. وقالت قُرَيْظَة: نحن أكرم منكم. فدخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي، فقال المنافقون من قريظة والنضير: انطلقوا بنا إلى أبي بُرَدْةَ يُنفِر (١) بيننا. وقال المسلمون مِن قريظة والنَّضِير: لا، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - ينفر بيننا، فتعالَوْا إليه. فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بُرْدَة، وسألوه، فقال: أعْظِمُوا اللُّقْمَة. يقول: أعظموا الخَطَر (٢). فقالوا: لك عشرة أوْساقٍ. قال: لا، بل مائة وسق دِيَتِي، فإنِّي أخاف أن أُنفِر النضير فتقتلني قريظة، أو أُنفِر قريظة فتقتلني النضير. فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق، وأبى أن يحكم بينهم، فأنزل الله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله: {ويسلموا تسليما} (٣). (٤/ ٥١٦ - ٥١٧)

١٨٩٠٧ - عن يحيى بن سلام، قال محمد بن السائب الكلبي: إنّ رجلًا من المنافقين كان بينه وبين رجل من اليهود خصومةٌ، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد نختصم إليه. وقال المنافق: بل إلى كعب بن الأشرف. وهو الطاغوت هاهنا، قال الكلبيُّ: فأبى المنافقُ أن يُخاصِمَه إلى النبي، وأبى اليهوديُّ إلا أن يخاصمه إلى النبي، فاختصما إلى النبي، فقضى لليهودي، فلمّا خرجا مِن عنده قال المنافق: انطلق بنا إلى عمر بن الخطاب أخاصمك إليه. فأقبل معه اليهوديُّ، فدخلا على عمر، فقال له اليهوديُّ: يا عمر، إنِّي اختصمتُ أنا وهذا الرجلُ إلى محمد، فقضى لي عليه، فلم يرضَ هذا بقضائه، وزعم أنّه يخاصمني إليك. فقال عمر للمنافق: أكذلك؟ قال: نعم. فقال: رويدكما حتى أخرج إليكما. فدخل البيتَ، فاشتمل على السيف، ثم خرج إلى المنافق، فضربه حتى برد (٤). (ز)


(١) نفّر القاضي الرجلَ وأنفره: إذا حكم له بالغلبة، والمراد بقولهم: «ينفر بيننا» أي: يحكم بيننا. النهاية (نفر).
(٢) الخطر: الرهن بعينه، وهو ما يتراهن عليه. النهاية (خصل).
(٣) أخرجه ابن جرير ٧/ ١٩٣، وابن أبي حاتم ٣/ ٩٩١ - ٩٩٢ واللفظ له.
(٤) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير بن أبي زمنين ١/ ٣٨٢ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>