٧٣٩٤٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- أنه حدّثهم، قال: بَينا أنا عند عمر بن الخطاب، وهو خليفة، وهو يعرض الناس على ديوانهم؛ إذ مرّ به شيخٌ كبير أعمى، يَجْبِذُه قائده جَبْذًا شديدًا، فقال عمر حين رآه: ما رأيتُ كاليوم منظرًا أسوأ. فقال رجل من القوم جالس عنده: وما تعرف هذا، يا أمير المؤمنين؟ قال: لا. قال: هذا ابن ضبعا السّلمي، ثم البهزي، الذي بَهَلَه بُرَيْقٌ (١)، فقال عمر: قد عرفتُ أن بُرَيقًا لقب، فما اسم الرجل؟ قالوا: عِياض. قال: فدُعي له، فقال: أخبِرني خبرك وخبر بني ضبعا. قال: يا أمير المؤمنين، أمرٌ من أمر الجاهلية قد انقضى شأنه، وقد جاء الله - عز وجل - بالإسلام. فقال عمر: اللهم، غُفرًا، ما كنّا أحقّ بأن نتحدّث بأمر الجاهلية منذ أكرمنا الله بالإسلام، حدّثنا حديثك وحديثهم. قال: يا أمير المؤمنين، كانوا بني ضبعا عشرة، فكنت ابنَ عم لهم لم يبق من بني أبي غيري، وكنت لهم جارًا، وكانوا أقرب قومي لي نسبًا، وكانوا يضطهدونني ويظلمونني، ويأخذون مالي بغير حقّه، فذكّرتُهم الله والرَّحِم والجوار إلا ما كفّوا عني، فلم يمنعني ذلك منهم، فأمهلتُهم حتى إذا دخل الشهر الحرام رفعتُ يدي إلى السماء، ثم قلتُ:
لاهمَّ أدعوك دعاء جاهدا ... اقتل بني الضبعاء إلا واحدا
ثم اضرب الرجل فذره قاعدا ... أعمى إذا ما قيد عنى القائدا
فتتابع منهم تسعة في عامهم موتًا، وبقي هذا معي، ورماه الله في رجليه بما ترى، فقائده يلقى منه ما رأيتَ، فقال عمر: سبحان الله، إنّ هذا للعجب.
فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين، فشأن أبي تَقاصُفٍ الهذلي ثم الخُناعِيُّ أعجب من هذا، قال: وكيف كان شأنه؟ قال: كان لأبي تَقاصُف تسعة هو عاشرهم، وكان لهم ابن عمٍّ هو منهم بمنزلة عياض من بني ضبعا، فكانوا يظلمونه ويضطهدونه، ويأخذون ماله بغير حقّ، فذكّرهم الله والرَّحِم إلا ما كفّوا عنه، فلم يمنعه ذلك منهم، فأمهلهم حتى إذا دخل الشهر الحرام رفع يديه إلى الله - عز وجل -، ثم قال:
لاهمَّ ربّ كل امرئ آمن وخائف ... وسامع هتاف كل هاتف
إنّ الخناعي أبا تقاصف ... لم يعطني الحق ولم يناصف
فاجمع له الأحبة الألاطف ... بين كَرّانَ ثم والنواصف
(١) أي: الذي لَعَنه ودعا عليه رجل اسمه بُرَيْقٌ. لسان العرب (بهل).